لولا تضحيات الشهداء لكنّا مُستعمرة
كتب / الدكتور خيام الزعبي
بطبيعة الحال هناك حقيقة واحدة لا يختلف عليها سوريان، وهي أنه لولا تضحيات شهدائنا، لما كنا فيما نحن فيه الآن، من أمن واطمئنان واستقرار، وقاعدة إنطلاق سورية في الإنجازات، في وقت تموج فيه منطقتنا بالعواصف والمخاطر التي تهدد وجودها وكيانها،
لا نقول إننا تذكرناهم في عيدهم، فذكراهم وتضحياتهم ماثلة أمامنا في كل وقت، دون أن ننساها، إنها ذكرى وفاء ووسام فخر وعزة للشعب السوري، قدموا أرواحهم فداءً للوطن حفاظاً على أمنه وكرامته.
وتحيي سورية «يوم الشهيد» الذي يوافق 6 أيار من كل عام، في ذكرى تشكل ملحمة فخر واعتزاز وامتنان لتضحيات الشهداء الأبطال في سبيل استقلال وعزة الوطن، حيث يُظهر الاحتفاء بهذه المناسبة التي لها وقع خاص على قلوب السوريين تعبيرهم الصادق عن الروح الوطنية الراسخة والمبنية على أسس من الوفاء والعطاء والمحبة المتجاوزة حدود الزمان والمكان.
وفي إطار تكريس أنبل القيم يغرس السوريون الشهادة قيمة سامية في نفوسهم مستحضرين ذكرى شهداء السادس من أيار عام 1916 الذين أعدمهم جمال باشا السفاح العثماني وما تبعهم من قوافل في النضال ضد الاستعمار الفرنسي من ميسلون إلى الجلاء وصولاً إلى شهداء الجيش السوري في حرب تشرين التحريرية وقوافل شهداء الحرب على الإرهاب العابر للقارات كتب فصوله السوداء العثمانيون الجدد، وغرب استعماري ورجعية عربية لخدمة مصالح الكيان الصهيوني الغاصب.
ويأتي هذا العيد والجيش يخوض معركة مفتوحة ضد الإرهاب ويقف في ذروة المواجهة الصلبة متسلّحاً بإرادة لا تضعف وعزم لا يلين ومستنداً الى التفاف شعبي سوري واسع، فرغم مرور أكثر من 13 سنة على بدء العدوان على سورية، وحملته المسعورة التي استهدفت مختلف المدن والقرى، لا تزال سورية صامدة، هذا الصمود وضع الغرب وحلفاؤه في حرج شديد، بعد أن غلب صمود الجيش السوري آلتهم العسكرية وأعطى للعالم درساً بتمسكه بوطنه ورفضه للتدخلات الخارجية بكافة أشكالها، فتحرير الجيش المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش وأعوانها تكتب سطر جديد في تاريخ تضحيات وبطولات رجال الجيش السوري في مواجهة الإرهاب الأسود الذي يحاول أن ينال من شعب سورية واستقراره بإستهداف المدنيين عن طريق عمليات إرهابية مخطط لها ومنظمة هدفها تدمير وإشاعة الفوضى بجانب إرهاب المواطنين السوريين.
اليوم يلتف السوريون حول جيشهم وقائدهم لاستكمال النصر المؤزر ودحر الإرهاب والاحتلال عن أرض سورية والبدء بإعادة الإعمار وبناء المستقبل سائرين على الدرب الذي أنارته دماء الشهداء الطاهرة.
و لولا تضحيات الشهداء الذين بذلوا الغالي والنفيس ما كانت سورية لتبقى، لكنّا مُستعمرة خاضعة للاحتلال الأمريكي والصهيوني مثل بعض الدول العربية، وبالتالي تحقيق مشروعهم الكبير، ولولاهم ما كنا هنا ولولا تضحيات شهداء ما استطعنا القضاء على الإرهاب، ومواجهة براثن الجماعات الإرهابية في مختلف المناطق السورية.، بالمقابل الشهداء دفعوا الثمن لتكون سورية قوية وآمنة ومستقرة.
أن يوم الشهيد سيظل يوماً خالداً في ذاكرة كل السوريين اعترافاً منهم لكل لحظات عصيبة مرت على سورية وتصدى لها هؤلاء الشهداء الأبرار بشجاعة حتى فقدوا أرواحهم من أجل الوطن، فهذه الملحمة ترسل عبرها سورية رسائل لأسر الشهداء وذويهم مفادها بأن رعايتهم ستظل أولوية على الدوام، فالتضحيات التي قدمها شهداؤنا لأجل الوطن ستظل مصدر إلهام للأجيال بعد الأجيال، وأوسمة عز وشرف على صدر كل سوري مهما طال الزمن.
مجملاً…. اليوم يقف الوطن كله ليؤدي تحية الوفاء الى أهل الوفاء ، اليوم يقف كل الشعب السوري وبصف واحد ليحيوا اهل الشرف والكرامة، واليوم تصغر كل البطولات وكل العطاءات امام ما بذله اهل التضحية الحقة التي لا تنتظر المقابل، فشهداء الوطن ليس فقط صمّام الأمان، وانما القاسم المشترك الذي يلتقي عنده السوريون، والسقف الذي يحميهم جميعاً من الإرهاب.
وأختم مقالي بالقول، إن الاحتفال بيوم الشهداء في سورية هي رسالة ردع، للتأكيد على أننا أمة شهداء، ندفع بأبنائنا إلى الشهادة، لنحمى تراب الوطن ويعيش هذا البلد آمناً مطمئناً مستقراً .