بايدن وليلة سقوط نتنياهو
كتب / د. محمد بكر
كان لافتاً ظهور الرئيس بايدن ليلة أمس على شبكة السي إن إن واطلاقه تصريحات هي الأولى من نوعها لجهة إبلاغه نتنياهو بعدم تقديم الولايات المتحدة الأسلحة والقنابل إذا ما اقتحموا رفح ، وإقراره بأن القنابل التي سلمتها الولايات المتحدة لإسرائيل وعلّقت تسليمها فيما بعد قد قتلت مدنيين ؟
فلماذا يطلق بايدن هذه التصريحات وهو الداعم الأول لاسرائيل منذ بداية الإبادة الجماعية في غزة ، وهل ثمة انقلاب أميركي حقيقي على ” المعتوه ” نتنياهو ؟
ثمة عوامل عديدة دفعت الرئيس الأميركي إطلاقه مثل هكذا تصريحات يمكن حصرها في النقاط التالية:
– إدراك بايدن مدى ” الورطة ” التي تسبب بها نتنياهو للولايات المتحدة فاقت معها كل التصورات لجهة أن تكون نتائج الحرب على غزة بهذا السوء غير المسبوق على المستوى الإنساني والميداني، ولاسيما بعد هذا الكم الهائل من الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال في غزة، إضافة لعدم تحقيق هدف واحد من الأهداف التي أعلنتها اسرائيل، ولاسيما أن نتنياهو قد أرسل مؤشرات أنه ماض في نسف الجهود الأمريكية مع الوساطة القطرية والمصرية لجهة التوصل إلى اتفاق وإصراره على اقتحام رفح .
– تصاعد الغضب الشعبي الأميركي وتحديدا في الجامعات الأميركية وتنامي وتيرة الصدام مع الشرطة الأميركية، وهو ما سيؤسس لسقوط صورة الولايات المتحدة شعبياً بوصفها الداعم الأول لإسرائيل وسقوط صورة بايدن نفسه في عيون مواطنيه وهو المقبل على الانتخابات الرئاسية بعد عدة أشهر .
– إدراك المؤسستين العسكرية والأمنية في واشنطن أن أي عملية عسكرية إسرائيلية في رفح ستكون محكومة بالفشل حالها حال الجغرافيا بكليتها في القطاع، وعلى مدى أكثر من سبعة أشهر لازالت القوة العسكرية لحماس في ذروتها وقادرة على إلحاق المزيد من الهزائم بنتنياهو وجيشه.
مع تصريحات بايدن النوعية فإن الاعتقاد السائد بأن الدائرة باتت تضيق على نتنياهو إن لناحية الخطاب السياسي لحلفائه وداعميه في أوروبا ، أو لناحية الميدان وتعرض جنوده بعد أكثر من سبعة أشهر من الحرب لكمائن محكمة آخرها في الزنة بخانيونس .
الخسارة في الأرواح بين المدنيين في غزة هي مؤلمة وكبيرة وحجم الإبادة غير مسبوق هذا صحيح ، لكن منعكسات هذه الابادة سياسياً هو كبير أيضاً ولن يكون إلا في صالح القضية الفلسطينية ومقاومتها .
الدماء التي أهرقت في غزة سيكون ثمنها كبير على طريق إعلاء الحق الفلسطيني على المستوى الدولي واثباته وفرضه بالقوة بالتزامن مع إحلال وترسيخ صورة واحدة لإسرائيل وهي صورة القاتل المجرم .
حديث رئيس وزراء اسبانيا عن استعداد بلاده للاعتراف بالدولة الفلسطينية وأن ذلك مصلحة استراتيجية لأوروبا هو بداية المنعكسات الإيجابية فلسطينياً لهذه الحرب .
أهم مايمكن قوله في حضرة الإبادة الجماعية في غزة أن تل أبيب بشنها هذه الحرب هي كرست انتصار الحق الفلسطيني وصدق روايته بالتزامن مع سقوط كامل للرواية الإسرائيلية في عقول وضمائر الأجيال القادمة على مستوى العالم.
عملية طوفان الأقصى وبالرغم من عظيم المصاب وحجم الويلات في قطاع غزة ستكون مؤسسة لمشهد مختلف في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ليس أوله فقط سقوط مُدوٍّ لنتنياهو وبايدن ، وإنما أيضاً بداية النهاية الحتمية لهذا الكيان اللقيط.