إسرائيل تهاجم رفح وتسيّطر على المعبر قبيل قمة العرب بأيام لماذا؟
كتب / الدكتور السفير جواد الهنداوي
لم تُقدِمْ إسرائيل على شّنْ الهجوم و ارتكاب المجاز والسيطرة على المعبر مالم تُعلِمْ الادارة الأمريكية ، وربما موافقتها . ما تناقلته وسائل الإعلام عن ايقاف تصدير سلاح لإسرائيل لعدم رضا الرئيس بايدن عن سلوك نتنياهو المعرقل للهدنة ، واستياء الأخير وتصريحه بأنَّ إسرائيل ستقاتل وحدها ما هي الاّ عروض كاذبة للتضليل .
امريكا التي دعمت و زودت إسرائيل بالقنابل الذكية ولمدة سبعة اشهر ، وسبّبت مجازر للأطفال و النساء ،لن يغفر لها التاريخ و لا الشعب الأمريكي وشعوب العالم ، لانها أوقفت تصدير شحنة سلاح لإسرائيل !
حصلَ هجوم اسرائيل على رفح وسيطرتها على المعبر وعلى الشريط الحدودي مع جمهورية مصر العربية ( محور صلاح الدين ،اي فيلاديلفيا ) مباشرةً بعد إعلان حماس موافقتها على مشروع هدنة ،عملت على صياغته جمهورية مصر العربية وبالتعاون مع قطر و امريكا ،الأمر الذي يدّلُ على إصرار إسرائيل على مسار حرب الابادة ويدّلُ ايضاً على مراوغة وكذب اسرائيل في المفاوضات .
لم ولن تكترثْ اسرائيل بالتداعيات السياسية و الأمنيّة الخطيرة على المنطقة والعالم جرّاء التمادي في سلوك عدواني ليس فقط تجاه غزّة ،و انما تجاه مصر ،بموجب ماترتّب على اسرائيل من التزامات بخصوص معبر رفح ومحور صلاح الدين .
تدركُ إسرائيل وكذلك امريكا وبعض دول الغرب الداعمة، وخاصة المانيا ، بأنَّ ما تقوم به إسرائيل و ما تنوي القيام به في المنطقة ، وليس فقط في غزّة ( تجاه القضية الفلسطينية، و مصر ولبنان وربما ايران ) ستكون له تداعيات سياسية ،كما تدركُ الدول العربية ذلك ،و خاصة جمهورية مصر العربية ،وهي المعني اكثر للأستفزازات الاسرائيلية على حدودها ،والتي تتعارض مع اتفاقيات السلام الموقعّة ، ولكونها تقوم بدور الوساطة من اجل الاتفاق على هدنة تقود إلى انهاء حرب الابادة .
هل تعمّدت إسرائيل واستعجلت بالسيطرة على معبر رفح وبشّن الهجوم على رفح ،قبيل اجتماع القمة كي تضع الجميع ،وبضمنهم الدول العربية ،والوسطاء العرب ( مصر وقطر ) امام الأمر الواقع ؟
إسرائيل لم تعلن موافقتها على مشروع الهدنة ،الذي وافقت عليه حركة حماس ، وسارعت للسيطرة على المعبر كي تخلق ،على ما يبدو ، شروط تفاوضيّة جديدة لصالحها تختلف عن تلك التي كانت قبل معبر رفح .
إسرائيل وبالتصعيد العسكري والسياسي ،الذي تمارسه ، على اعدائها وعلى الدول التي تربطها واياهم اتفاقيات سلام ، تتحدى وتوهِم الآخرين بانها لازالت تلك إسرائيل قبل السابع من اكتوبر لعام ٢٠٢٣ ، وتعرض لا مُبالاتها تجاه تجمّع عربي يُعقد في غضون ايام !
ما تفعله إسرائيل يدّلُ ،عملياً، على انَّ ما تريدهُ ابعد بكثير من معالجة تداعيات طوفان الأقصى و أعادة أسراها و السيطرة كلياً على القطاع ،والتخلّص من قيادات و مقاتلي حماس ، ما تريدهُ هو تصفيّة القضية الفلسطينية كمرحلة اولى ،تليها مراحل تتناول أمن وقدرات مصر والأردن وسورية ولبنان ،اي الدول التي تشكل الحزام الاول لفلسطين المحتلة .
ستنعقد القمّة العربية و اسرائيل في اسوء حال ،فهي في نظر القضاء الدولي ” كيان مجرم ” ،حتى و ان تاخرّت محكمة الجنايات الدولية في إصدار قرارها ، وهي كذلك في نظر الشعب الأمريكي و شعوب العالم ، و اصبحت منبوذة دولياً وشعبياً ، وتعاني في الداخل من انقسامات و احتجاجات اجتماعية و سياسيّة وفكريّة . هذه المُعطيات و الوقائع ،التي تكشف ضعف و هوان اسرائيل ،تستحق الآخذ بنظر الاعتبار من قبل القادة العرب ،من اجل بلورة موقف موحد حاسم تجاه اسرائيل ؛ موقف يعبّرُ عن وحدتهم و تضامنهم من اجل امنهم القومي ،والذي أصبحَ في خطر ،اكثر من اي وقت مضى ،ومن اجل حّلْ شامل للقضيَة الفلسطينية ، موقف يتماشى مع ما تتطلّع اليه الشعوب العربية وشعوب العالم ، والتي لم تصمتْ على جرائم اسرائيل ، موقف يَرّدُ على تحدّي إسرائيل و غطرستها و استهانتها بمحيطها العربي ،حيث ضاعفت و وسّعت اعتداءاتها ، وهي تعلم بانعقاد قمّة عربية ،قادرة على اتخاذ قرارات رادعة لجرائمهاو اعتداءاتها غير المحدودة .
تنعقد القمة و يسود العلاقات العربية -العربية وكذلك العربية -الاقليمية ،اجواء التفاهم و التعاون ، سياسياً و اقتصاديا ، و الاستثناء الوحيد في المنطقة هو الكيان المُحتل ،حيث مصدر الاعتداءات و الانتهاكات ، وبؤرة التوتر وعدم الاستقرار ،ذلك بالرغم من مبادرات العرب نحو الاعتراف بالكيان و توقيع معاهدات سلام .
اجواء التفاهم و التعاون العربي -العربي و الاقليمي ، والأخطار التي يمثلها الكيان المحتل تدعو القمة إلى تبني عمل مشترك لتفعيل الحفاظ على الامن القومي العربي .
خطر اسرائيل في المنطقة وعلى المنطقة لا يستثني أحد ، وهمّها التوسع والهيمنة و ديدنها السعي لاضعاف محيطها وخلق الفتن و الاضطرابات .