ظلم المرأة باسم {المساواة} و{الحريّة}
كتب / سالم مشكور
قبل أيام أقيم في بغداد احتفال بـ{اليوم العالمي للفتيات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات}. موضوع يثير أكثر من سؤال في مقدمتها؟ ما الفرق بين الفتيات والفتيان في مجال تقنية الاتصالات؟، ولماذا تخصيص الفتيات فقط؟، هل عمل المرأة في هذا المجال يختلف عن عمل الرجل؟، لماذا الحديث عن "فتيات"
وليس النساء بشكل عام.
إذا أخذنا الأمر من زاوية المساواة بين الرجل والمرأة، فبعيدا عن صحة هذا الشعار من عدمه، لا نعلم أن هناك قيودا على دخول النساء في عالم تقنية المعلومات في أية دولة في العالم.
صحيح أن بعض الإحصائيات تقول إن نسبة النساء العاملات في المجالات الهندسية والتقنية بما فيها تقنية المعلومات تشكل 30 بالمئة مقابل 70 بالمئة من الرجال، لكن هل هناك تقييد على دخول النساء في هذا المجال؟
الجواب: كلا، بل إن شركات تقنية المعلومات والاتصالات في الولايات المتحدة مثلا تقدم إغراءات وامتيازات للنساء لدخول هذا المجال للتأكيد أمام المنظمات النسوية والعاملة باسم حقوق الانسان بانها لا تميّز بين الرجال والنساء، لدرجة انها تضطر احياناً إلى قبول نساء بمؤهلات بسيطة بدل رجال ذوي
خبرة.
كل ما في الامر هو ان النساء يفضلن دخول مجالات معينة ولا يفضلن مجالات أخرى لأسباب تتعلق بالتركيبة النفسية والجسدية للمرأة، فالذي خلق البشر ذكوراً وأناثاً أعطاهما مواصفات تناسب دور كل منهما في الحياة. ومن يريد التلاعب بهذه المعادلة الدقيقة إنما يستهدف المجتمع واستقراره، وهذا ما فعلوه في أنحاء العالم.
خلطوا بين الأدوار ودفعوا بالمرأة إلى مجالات لا تناسب دورها وتركيبتها الجسدية والنفسية، فظلموها باسم المساواة، وواصلوا مشروعهم اليوم لتشجيع التغيير الجسدي للمرأة تحت مسميات حق تغيير الجنس وغيرها ليكتمل مسلسل "المساواة". ما يجري
بدأ تيار حقوق المرأة والمساواة في أوروبا بدوافع اقتصادية مغلفة بعنوان حقوق الإنسان.
قالوا ان المرأة غير العاملة يعني أن نصف المجتمع مشلول ولا ينتج إنما يستهلك فقط.
الهدف الحقيقي هو تحقيق عائدات ضرائب كبيرة، فالنظام المالي في الغرب قائم على الضرائب وعمل المرأة سيعني أن عائدات الضرائب ستصل إلى
الضعف.
من هنا انطلقت الدعوات إلى تحرير المرأة من المنزل وإنزالها إلى سوق العمل تزامناً مع الحداثة والنظريات الاقتصادية والاجتماعية التي تعتمد الفرد، بدل الاسرة والتي أغفلت أمرين أساسيين هما: طبيعة التكوين الجسدي والنفسي للمرأة والتي لا تؤهلها للقيام بالأعمال القاسية التي يمارسها الرجال، ومصير الأسرة عندما تنخرط كل النساء في العمل، ولا يلتئم شمل العائلة سوى آخر النهار بأجساد منهكة لا تدع فرصة للحديث مع الأطفال وممارسة مهمة التربية الطبيعية. نتائج ذلك واضحة اليوم على الوضع الأسري لهذه المجتمعات وما تعانيه من انحرافات الأبناء إلى مزالق خطيرة. السلبية
لم تتوقف الدوافع الاقتصادية عند إخراج المرأة إلى العمل بل تعدتها إلى أبعاد أخرى اشتركت فيها منظمات تحمل شعارات حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين لدرجة الدعوة إلى حقوق المرأة بجسدها وحريتها في أن تهبه لأي شخص والصورة التي تريد، بغض النظر عن الضوابط الدينية والأخلاقية، وهذا ما تضمنته المواثيق الدولية وشرائع حقوق الإنسان، وهذا ما تتحفظ عليه كثير من الدول عند التوقيع على المعاهدات والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان.
ببساطة شديدة يمكن طرح السؤال التالي: منظمات وتيارات حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين تعمل منذ أكثر من قرن من الزمان أنفقت خلالها مليارات الدولارات فكيف هو وضع المرأة في العالم اليوم؟
وماذا انتج تيار المساواة وما هي انعكاساته على المجتمعات؟.
في بلداننا، لا تشكل الضرائب الّا نسبة ضئيلة من موازنة البلاد، وبالتالي فان عمل المرأة لا يشكل مدخولا للحكومة، فيما تبقى النتيجة السلبية على المجتمع والأسرة هي الحاضرة وهي التي تثير الشكوك حول طبيعة أهداف بعض
منظمات "حقوق المرأة".
المرأة تساوي الرجل في الإنسانية ويحب أن تتعلم وتعمل بما يناسب طبيعتها ومؤهلاتها الجسدية والنفسية ويحفظ كرامتها، دون التضحية بالأسرة وتماسكها، وليس من الحقوق دفعها إلى مجالات
لا ترغب بها.