ملاحظات ومقترحات لتطوير الإعلام الأمني
كتب / حامد شهاب
من دواعي الفخر والإعتزاز أن يدعو معالي وزير الداخلية الأستاذ عبد الأمير الشمري مدراء دائرة الإعلام والعلاقات والناطق بإسم وزارة الداخلية ومسؤولي الأقسام في دائرة العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية خلال لقائه بهم بتاريخ 27 نيسان 2024 الى وضع أطر جديدة وآليات حديثة للإعلام الامني وعلاقته مع الرأي العام ، فهو أمر يستحق التقدير والإحترام ، في أن يكون بمقدور وزير للداخلية في ظل كل المهام والمسؤوليات الكبيرة المكلف بها أن هو من يدعو الى وضع مثل تلك الآليات الحديثة للإعلام الأمني ، فيعني أن الرجل لديه خبرة وإلمام كبيرين بالجانب الدعائي والإعلامي والنفسي لتوجهات الإعلام الأمني ، بما يرتقي به الى أن يطور وسائل عمله ويرتقي بعمل وزارة الداخلية الى ما يرفع من شأنها ودورها، وبخاصة في قطاع مهم وهو الإعلام الأمني.
فقد توقفت كثيرا عند اللقاء الذي عقده معالي وزير الداخلية الأستاذ عبد الامير الشمري مع مدير دائرة العلاقات والإعلام والناطق الرسمي بإسم وزارة الداخلية ومديري الإعلام في وكالات وقيادات ومديريات وأقسام العلاقات في جميع مفاصل وتشكيلات الوزارة ، وتوجيهاته لهم بأن يتم وضع آليات حديثة ومتطورة للإعلام الأمني وفق رؤية صحيحة ، مؤكدا على “أهمية العمل الإعلامي وتنظيمه وتحديث الخطط بما يسهم في إيصال الصورة الحقيقية للرأي العام عن عمل وزارة الداخلية”، ومشددا على “وضع آليات حديثة متطورة كون الإعلام جانباً مهماً من العمل الأمني والخدمي وفق الرؤى الصحيحة وإعطاء فرصة حقيقية للعاملين فيه لإظهار تميزهم وتطوير قابلياتهم وهو ما يتحقق من خلال الدورات التدريبية المستمرة”.
ويدرك معالي وزير الداخلية أن الإعلام الأمني في وزارة الداخلية ربما شهد في الأونة الأخيرة بعض حالات التراخي والبرود في التعبير عن توجهاته وأهدافه وفي علاقته مع عموم الشعب ،وهو هدف أساسي وفاعل ينبغي الأخذ به بجدية وفي أقصى درجات الإهتمام بالعمل الإعلامي الأمني، إن أريد له أن يسير قدما بخطوات واثقة من نفسها ومن دورها في مواجهة التحديات.
ونود في هذا المجال أن نضع بين أيدي المهتمين في الإعلام الأمني ومن يديرون شؤونه بعض الملاحظات والمقترحات التي تفيدهم في هذا الجانب، ووفقا لتوجيهات معالي الوزير..من خلال جملة نقاط تدور مضامينها في التوجهات التالية:
1. إن مهام الإعلام الأمني لاتقتصر على الجوانب المتعارف عليها في الإعلام مثل وجود صحيفة أو إذاعة أو مجلة خاصة بوزارة الداخلية ، تكون توجهاتها نحو خدمة رجال الأمن ومنتسبي الوزارة على وجه التحديد فحسب ، وإن كانت تلك المهمة طبيعية ومطلوبة، لكن المهمة الأساسية هي في علاقتها مع عموم الشعب، وفي أن تعبر عن خططها وبرامجها من خلال وسائل تواصل أخرى (غير مباشرة) كونها هي الأهم في إيصال الفكرة المطلوبة الى الجمهور في أن يكون لكوادر الإعلام الأمني حضور في الملاحظات والمقترحات والتقارير الصحفية والأنشطة الإعلامية شبه الإسبوعية بين أغلب الصحف العراقية والقنوات الفضائية الحالية وبرامجها وحتى في بعض توجهات وسائل التواصل الإجتماعي ، وبخاصة ان علاقة وزارة الداخلية ومهامها العسكرية والأمنية والمدنية تتعدد أشكالها ودوائرها في كل المحافظات العراقية وفي بغداد العاصمة لها الثقل الأساس،ليكون للحضور الإعلامي غير المباشر الدور الفعال في التأثير في الآخرين وفي كسب إستمالتهم للتوجهات الإعلامية الأمنية المطلوبة من غير فرض أو وسائل مباشرة تتسبب في بعض الأحيان ربما بحالات نفور من الجمهور ، لأن قناعة الكثير من العراقيين بالأجهزة الأمنية ما تزال تواجه حالات كثيرة من (التشكيك) ومن عدم القدرة على التواصل معها،ولهذا فإن نسبة تفاعل الجمهور تكون أكثر فعالية في التوجهات غير المباشرة ، وتعطي نتائج أقرب الى الواقع من أن تكون مجرد (تخيلات) و (رؤى) قد تصح وقد تخطيء.
2. يكون من الأفضل إستغلال علاقات كبار ضباط الإعلام الأمني في علاقاتهم مع النخب الإعلامية والمثقفة عموما من خلال ندوات وورش عمل إعلامية وبحثية وفي بعضها موجودة أصلا، والإستماع الى وجهات نظرهم في كيفية تقديم المقترحات التي من شأنها أن تسهم في إنجاح فعالية الإعلام والأمني وتسهم في تطويره ، وبخاصة من أؤلئك الضباط والكوادر القيادية العليا التي كان لها حضور فعال في التوجهات الإعلامية ، وتشجيع كبار ضباط ومنتسبي دائرة الإعلام الأمني على خوض نقاشات مهمة في هذا الشأن ، بهدف البحث عن أفضل الصيغ والوسائل التي تسهم في تقدم الإعلام الأمني في الجوانب الأمنية والإعلامية التي تخدم توجهاتهم هذه.
3. أن تتركز معظم عناوين الدراسات العليا لمنتسبي وزارة الداخلية في تخصصات تكون أقرب ما تكون من نطاق عملهم الإعلامي والأمني ، وأن تتعمق بتلك الجوانب لتتعرف على السبل الأمثل لمواجهة تحديات الإعلام الأمني الذي يحتاج الى أساليب تختلف كثيرا عما يشاع من توجهات عن الإعلام العام والمجتمعي المدني ، كون توجهات هذا النوع تكاد تكون سهلة ، بينما توجهات الإعلام الأمني صعبة وتحتاج الى عقول مبدعة وتختلق أفكارا ورؤى ربما خارجة عن المالوف في إيصال أفكارها ورؤاها عما هو متعارف عليه في التوجهات التقليدية للإعلام في توجهاته العامة،وإن كانت تلتقي مع بعض توجهاته في السياقات وليس في المضامين والأهداف.
4. أرى أنه من غير المفيد الجمع بين مهام الإعلام الأمني ومهمة (خلية الإعلام الأمني) ، لكون الاخيرة عملية أمنية مائة بالمائة وتختص في تعقب حالات تعكير الأمن الداخلي والاعمال الإرهابية وكل أعمال الفوضى في الجانب الأمني ، وليس من مهام الإعلام الأمني أن يتعقب الجرائم والمجرمين ، بل من مهامه نشر أخبار القبض على تلك الشبكات من قبل الجهات المختصة بالعمل الشرطوي الأمني، ويدرس كيف يعرف الناس بأفكارهم الهدامة المضرة بالأمن ىالوطني ، أما أن تكون من مهام الإعلام الأمني أنشطة متابعة الخلايا الإرهابية فهذا ليس من مهامهم لا من قريب أو بعيد، إن لم تكن تعرقل خططهم وتلهيهم عن إعطاء المقترحات اللازمة لمعالجة حالات الخلل الإعلامية،وتكمن مهامهم فقط في تناقل أنشطة الجماعات الإرهابية والتعريف بهم وبما يسببونه من أذى وضرر كبير بالمجتمع ، وليس متابعة أفعالهم الجرمية.
5. أرى أن توسع الإهتمام من قبل دوائر وأقسام الإعلام الأمني حاليا في متابعة جرائم الشرطة المجتمعية تعد إضاعة لكثير من الوقت والجهد في ملاحقة ما ينشر من تهديدات بين العوائل في الجانب الألكتروني وعلى صفحات التواصل، وكأن مهمتهم هذه هي الأساس، وهي بالأصل خلافات في أغلبها شخصية وكثير منها مفتعلة ولا علاقة للامن الداخلي بمهام علاقة بين شابين إختلفا في الأخير وبدت علامات حرب بينهما أو بين رجل وعائلته وزوجته، وكل واحد يريد الإيقاع بالآخر والهاء الشرطة عن مهامها، وأخذت الشرطة المجتمعية حيزا كبيرا من الإهتمام ودخلت في أمور مشاكل عوائل وفبركات شباب من كلا الجنسين ، وتسبب تدخلها ربما بمشكلات كثيرة أكثر من أنها تدخلت لحلها ، وهو ما أرهقها وأبعدها عن الجانب الإعلامي الأمني ، وربما إستغلها بعض من أفراد الوزارة لإقامة علاقات مع تلك الأوساط الشبابية من الجنس الآخر وتهديد من دخل في تلك المواجهة من تصرفات بعض الشباب الطائش ، وهي بحاجة الى إعادة نظر بدورها لكي لاتضيع أعمالها ومهامها وسط تلك الغابة الكثيفة المليئة بالأشواك والعثرات،والتي لايجني من ورائها الاعلام الامني من فوائد، بل ربما تكون أضرارها أكثر من فوائدها وبخاصة في الجانب الألكتروني الذي تقتصر مهامه الأساسية في الأغلب على تعقب وكشف حالات التآمر والأضرار بالسلم المجتمعي، وهذه مهمة الأمن المجتمعي الأساسية لوزارة الداخلية.
6. نرى من المهم إشراك النخب الإعلامية وإدامة الصلات الوطيدة بهم ومع مراكز البحوث ذات التوجهات المجتمعية والقريبة من الإهتمامات الأمنية هي من تعين ضباط الإعلام الأمني على تيسير خططهم في البحث عن الوسائل والتوجهات والمضامين الأكثر فاعلية في مواجهة تحديات الأمن الداخلي والأمن الوطني بوجه عام.
7. هناك حقيقة ينبغي الإشارة اليها عند تقييم الإعلام الأمني بشكل عام، وهي أن نذكر بإعتزاز وتقدير عاليين البصمات الكبيرة للضباط السابقين والحاليين لهذه الوزارة ، ودورهم الفعال في الإعلام الأمني ، وبخاصة اللواء سعد معن ومن كانوا معه من ضباطه المتميزين وكوادره المحترفة من أدوار فعالة في وضع لبنات الإعلام الأمني، وهو من أرسى دعائم مؤسسة إعلامية أمنية منذ سنوات طوال، من خلال علاقات واسعة مع مختلف نخب العراق ومثقفيه ومع نقابة الصحفيين العراقيين وحضوره اليومي المستمر، ونرى أن من المهم أن تتم (تبرئة) الرجل مما واجهه من تلفيقات أضرت بسمعته وسمعة عائلته وسمعته الاكاديمية كضابط أمن وأستاذ جامعي، وقد جاء الضباط الآخرون الأكفاء الحاليون من بعده ليكملوا مسيرة الرجل ضمن مهمة الإعلام الأمني، ووفقا لتوجيهات السيد وزير الداخلية الأخيرة في إبراز الجانب الخدمي والمؤسساتي للدولة ومهامها الكبيرة لكي يكون لها حضور بين الجماهير،وهي تلمس خطوات تقدم ونهوض عمراني وخدمي وأمني متسارع يسجل لرئيس مجلس الوزراء الأستاذ محمد شياع السوداني في سعيه لبناء معالم دولة في جوانبها الخدمية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والصناعية والبنى التحتية واعادة الروح للمشاريع المتلكئة ، وفي كل القطاعات التي تشهد نهوضا متسارعا لم تمر به الدولة العراقية منذ عقود، وهي تشهد رضا شعبي بتلك المسيرة الحافلة بالإنجازات.
هذه ملاحظات مهمة نضعها بين أيدي أصحاب القرار ليروا ما يمكن أخذها في الإعتبار عند متابعة خطط وتوجهات الإعلام الأمني ، وهي من تخدم توجهات السيد وزير الداخلية في الجانب الإعلامي الأمني ، ومن ترتقي الى طموح الرجل في أن يرى دائرة العلاقات والإعلام وضباطها وكوادرها الإعلامية،وهم كفاءات مجربة يشهد لهم الكثيرون بإحترافهم ومهاراتهم..وأملنا أن ترتقي دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية بعملها الإعلامي الأمني ووفقا لتوجيهات معالي الوزير قدما الى الأمام..والله من وراء القصد.