القمم العربية ومتلازمة الفشل
كتب / جبار عبدالزهرة العبودي
احتاج هنا الى تعريف القارئ في وضع تعريف مختصر للمتلازمة بشكل عام وهو تعريف جامع غير مانع فالمتلازمة :- هي حالة او وضعية ترافق إنسان او كائن حي او حدث او نوع من السلوك الإنساني او الحيواني وقد تكون ايجابية مقبولة مثل متلازمـــــة الخير والكرم التي لازمت (حاتم الطائي) او تكون سلبية مكروهة مثل المتلازمة المرضية او متلازمة الفشل 0
ومتلازمة الفشل هذه رافقت مؤتمرات القمة العربية التي وصل عددها بعد قمة المنامة عاصمة البحرين الى 33 ومنذ اليوم الأول لعقد اول مؤتمر قمة عربية والذي كانَ عام 1946، بدعوة من الملك فاروق (ملك مصر آنذاك)، حيث عَقد قادة دول جامعة الدول العربية أول مؤتمر قمة في قصر( أنشاص) بدولة مصر، وشاركت به الدول السبع المؤسِّسة لجامعة الدول العربية، وهي: الأردن، ومصر، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا.)0
أي قبل نكبة احتلال فلسطين بعامين ذلك المؤتمر الذي لم يصدر عنه بيان ختامي واضح وقوي في اتخاذ اجراءات ذات تأثير فاعل في مجرى الأحداث الدولية والإقليمية لصالح العرب ومن ثم السعي في تنفيذها على أرض الواقع في ذلك الوقت والذي كانت الدول العربية والى اليوم في مقدمة الدول الواقعة على شواطئه وجرفه القاري بموقعها الجغرافي المتميز وثرواتها التي لا تنضب والتي يسيل لها لعاب القاصي والداني من المستعمرين 0
كان يمكن القول على مستوى التقييم ان صفة او نعت متلازمة الفشل ماثلا للعيان وفي المقدمة منهم الحكام العرب المجتمعون إنه ضارب باطناب مخيمه بشكل ظلامي على اجواء ومياه ويابسة الوطن العربي بشكل ينذر بأن العرب وارضهم وخيراتهم سيبقون عرضة للإنتهاك دون تحريك ساكن من قبلهم او من قبل بعضهم للتصدي للعدوان الإستعماري الطامع بخيراتهم والباحث عن التوسع النفوذي والتمدد الاقتصادي في ارضهم 0
ومن قرارت ذلك المؤتمر:-( مساعدة الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها) وهو ما يبعث الحزن والضحك في آن واحد في نفس المتلقي فالدول العربية المؤسسة للجامع العربية كلها مستعمرة من قبل الإستعمارالبريطاني والفرنسي في ذلك الوقت وهذا كان اول قرار محكوم بتأثيرمتلازمة الفشل جعلوا فيه قضية فلسطين قلب القضايا القومية العربية ولكنهم لم يفعلوا شيئا لفلسطين والشاهد ما يجري في غزة اليوم فقد تركوها عرضة لمختلف انواع الجرائم الصهيونية في القتل الوحشي والتدمير والتهجير واذكر ان رئيس اركان الجيش الإسرف في تصريح له عبرعن اطمئنانه من ناحية العرب بأنهخم لن يتحركوا ضد اسرائيل مهما فعلت بغزة وكان الرجل صادقاً فبعض الحكام العرب كان يعمل علناً الى جانب اسرائيل منذ اليوم الأول لطوفان الأقصى في السابع من اكتوبر حتى يومنا هذا 0
ومن اللآفت للنظر انه من قرارات ذلك المؤتمر:- ضرورة الوقوف امام الصهيونية العالمية باعتبارها خطر لا يهدد فلسطين فحسب بل يهدد جميع الأقطار العربية حاضراً ومستقبلا ولقد جسَّدوا هذا القرار بشكل منكوس بأن تفاهموا مع الصهيونية وعقدوا معها الأحلاف والمعاهدات وأقاموا معها علاقات دبلوماسية على أعلى مستوياتها وهو مستوى سفارة فضلا عن سعي العديد من الدول العربية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل واقامة علاقات اقتصادية وثقافية وسياحية معها 0
والأدهى من ذلك والأمر منه هو ممارسة الخداع والغش بحق المقاومة الفلسطينية في مفاوضات السلام المزعوم بين حماس والكيان الصهيوني بمساعدة مصر وقطر وباشراف من الأدارة الأمريكية واستطاعوا طيلة فترة التفاوض الكاذب من توفير الوقت الكافي لإسرائيل لكي تستكمل جهودها في اطار تعبئة جيشها وسوقه ومن ثم تنفيذ هجموها على رفح قبل ايام واستمرار جرائمها في ارتكاب المجازر الوحشية بحق اهل غزة وتهجير ما لا يقل عن 8000 فلسطيني من رفح0
ثم جاءت قمة المنامة عاصمة مملكة البحرين التي يرفرف في سماءها علم دولة الإحتلال الصهيوني والتي جاء بيانها الختامي بقرارات يعرف الحكام العرب الذين ساهموا في اصدارها قبل غيرهم انها فاشلة وانها مجرد حبرٌ على ورق 0
ومن أبرز قرارات هذه القمة الدعوة إلى نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حلّ الدولتين، بحسب البيان الختامي للقمة العربية.
وهذا قرار لا تقبل به اسرائيل اطلاقا فنشر قوات دولية يعني على اسرائيل إيقاف حربها على غزة والإنسحاب الفوري من القطاع دون شروط وأما تنفيذ حل الدولتين فلو وضعت أي مستوطن او مسؤول صهيوني مكان البقرة الحمراء وهددته بالذبح فلن يقبل بذلك لأن هذا يعني وأد مشروع اسرائيل الكبرى التي تمتد حدودها السياسية من النيل الى الفرات0
وعليه فإن هناك دور مؤثرة واقعا لمتلازمة الفشل في قرارات وبيانات كل قمة عربية نحو المستقبل ويحضرني قول للرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي في كتابه الإستقلال الثاني ان الحالة التي تعيشها الأقطار العربية تعيشها تحت ظل حكومات غير مستقلة وانها تابعة للمستعمر كما كانت قبل حركات التحرر التي نهضت على ارض العرب من اجل التحرر ولكن التحرر الذي حصل كان تحررا مزيفا ولا بد من استقلال ثان عبر خوض معارك جديدة من اجل تحرير العرب من الإستعمار على مستوى الشعب والنظام السياسي والثروات وعلى مستوى الأرض والمياه والأجواء 0