تبسيط الإجراءات وروتين الوزارات
كتب / علي لفتة سعيد
يعاني المواطن العرافي من روتينٍ قاتلٍ في انجاز المعاملات، حتى باتت جملة (تعال بعد شهر) هي الأكثر تداولًا من جملة (تعال باجر)، خاصة بعد أن تحوّلت بعض الوزارات لتكون إدارتها من قبل المحافظات ذاتها، كالتربية والصحة والادارة المحلية وغيرها. وهو ما ترتّب على إبقاء المراجعات مع الوزارات أمرًا أكثر روتينيًا ممّا كان عليه سابقا.
إن واحدةً من سلبيات نقل الوزارات إلى المحافظات هي تلك العملية الروتينية التي تتطلّب نقل موظّفٍ من محافظةٍ إلى أخرى، وهو ما يتطلّب إجراءاتٍ إداريةٍ عديدة، تأخذ شهورًا، لكي يتم النقل والتأكد من المعلومات ونقلها من إدارة محافظة، إلى وزارة ومن ثم إلى الإدارة الجديدة. وحين يتم النقل لا يتم معها نقل الراتب كما كان سابقًا، بل على الموظّف الجديد أن ينتظر أشهر أخرى لنقل سجل راتبه من داخل الوزارة التي نقل لها من مدينة إلى أخرى عبر وزارة المالية، وخذ موافقتها، وهنا يزداد الروتين قتلًا، حيث تمرّ أشهر أخرى، والموظف بلا راتب، لأن المعاملة تحتاج إلى تدقيقٍ، وهناك زخمٌ كبيرٌ على وزارة المالية، لأن كلّ الوزارات تقوم بمراجعة هذه الوزارة من أجل الحصول على موافقة نقل الراتب ضمن ميزانية أو موازنة المحافظة.
إن هذا الروتين ليس فقط في هذه الجزئية من المراجعات بين الدوائر ذاتها في المحافظة الواحدة وبين الدوائر ووزاراتها وبين الوزارات بينها وبين وزارة المالية. حيث تتكدّس المعاملات في الوزارة التي لا يمكن المراجعة إلى ديوانها، فتبدأ الواسطات والمحاباة إضافة إلى تأخير الموظف وكثرة إجازاته، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار حرمانه من الراتب الذي هو حقّ مشروع لعدّة أشهر، وإذا ما تمّت الموافقة، فإنه لا يحصل على المتراكم منه، بل على شكل أجزاء مثل سلف موظّفين بينهم.
إن الدولة بحاجةٍ إلى ثورةٍ في تسهيل وإنجاز المعاملات التي فيها مقترحات عديدة لرسائل وأطاريح جامعية، تناقش وتنجز منذ ثمانينيات القرن الماضي وربما قبلها، حول تبسيط الإجراءات الحكومية، لكن لا وزارة تأخذ بهذه المقترحات، ولا طبّقت بعضًا منها، وكأن عملية تعطيل إنجاز المعاملات هو الأعم والأغلب.
لذا فالأمر بحاجةٍ إلى تدخّل رئاسي، وأن يتم تقليص المراجعات التي تتطلّب ذهاب الموظّف من المحافظات إلى ديوان الوزارة في بغداد. وأن يتم العمل من خلال النافذة الواحدة، وهي كتاب يكتب فيه نسخة منه إلى الوزارة الفلانية التي بدورها ستعتبر هذه النسخة كتابًا موجهًا لهم لإكمال الإجراءات المتبقية، وليس الحصول على الموافقة وبهذا ستحقق أكثر من نتيجة.. إراحة الموظّف وتقليل المراجعات بين الدوائر والوزارات، وتخفيف العبء على وزارة المالية التي بدورها لو وجدت أمرًا ناقصًا في المعاملة بإمكانها مخاطبة الوزارات والدوائر المعنية بإيقاف صرف الراتب لحين اكمال النواقص، كما يحصل مع إجراءات المصرف العقاري والإسكان وغيرها بما يخص السلف التي يستلمها الموظّف. وهو الأمر الذي يعني سرعة إدخال الحوكمة وربط الوزارات بشبكة انترنيت وإميل خاص وسريع، أو حتى أكثر من إيميل لضمان عدم التزوير، مع وصول نسخة ورقية فيما بعد، إن تطلّب الأمر ذلك
إن بقاء العراق ضمن تكديس الروتين لا يؤدّي إلّا إلى تفتيت الجهد الحكومي وإبقاء الدوائر خاضعةً إلى مبدأ الرشوة والمحسوبية، التي وصلت إلى تدخّل أعضاء في مجلس النواب والحكومات المحلية في سبيل إنجاز المعاملة.