ترقيع أم تأسيس؟!
كتب / عامر ممدوح
(تم بالجهود الهندسية والتخطيط الاستراتيجي، وبتوفيق من الله وبركة دعاء الصالحين، ترقيع مدخل منطقتنا).
هكذا يقول الخبر الذي سيق ليكون بشارة للمواطنين الذين طالت معاناتهم من سوء الطرق، وراجعت نفسي عدة مرات لأتأكد من استخدام الكلمة، فقد وردت فعلاً كما هي (ترقيع) والذي يشير بما لا يدع مجالاً للشك اننا ما زلنا نعتمد هذا المنهج في علاج مشاكلنا.
ولأننا مولعون بتأجيل ألم اليوم إلى الغد، فما زلنا نلّح كذلك على ترحيل ملفاتنا التي سيكون علاجها مدعاة للوجع، ولذلك تبقى مشاكلنا وأزماتنا راسخة مهما احسسنا براحة مؤقتة قد نتوهم انها انتهاء لها.
ولفت انتباهي كذلك أن منهج الترقيع في معالجة المشاكل فضلاً عن كونه يعكس خللاً مفاهيمياً متجذر في عقول من يقوم به، فإنه في بعض الأحيان يكون سلوكاً مقصوداً ومتعمداً كونه يحقق هدفاً سيئاً مضمراً ألا وهو غمط حقوق الآخرين، ومحاولة ممارسة الاستبداد المبطن بالسلطة العادلة!.
ولو أردنا ان نقوم بجردة حساب لمجمل القضايا التي مورس بحقها مثل هذا المنهج الخاطىء في التعاطي لما كفانا هذا المقال، بدءاً من مكافحة الفساد بالتضحية بالسمك الصغير والأذرع لصالح نجاة الحيتان الصغار، ثم معالجة التأسيس المغلوط للنظام السياسي، وتناول الفجوة الكبيرة بين المكونات، وإرث الظلم الكبير الذي لحق بالجميع، والنهوض بالتعليم، والأزمات الاقتصادية العميقة، وانهيار البنى التحتية… وغيرها الكثير الكثير!.
لذا فاننا بحاجة اليوم لتجاوز منهج الترقيع البائس واستبداله بالتأسيس الاستراتيجي للاصلاح، هذا التأسيس العلمي المطلوب والذي يقوم على تحديد المشاكل بدقة وشجاعة وجرأة، والنهوض بعملية العلاج وتحمل ألم التعافي اللازم وقوعها… وبدون ذلك فإننا ندور في حلقة مفرغة حتى من هواء الحياة!.