“الكونغرس” احتفاءٌ بمجرم تنهشُ كلابُه أجسادَ الأبرياء
كتب / د. محمد الحوراني
خمسونَ ألفَ قنبلة وآلافُ الأطنان من الأسلحة الصهيونية الأميركية الغربية المُلقاة على الأجساد البريئة في قطاع غزة أخفقت في كسْر إرادة الشعب الفلسطيني الأعزل المُحاصَر سنواتٍ طويلةً قبل شنِّ الكيان الصهيوني حربَ الإبادة عليه، التي استمرّت شهوراً في ظلِّ غيابٍ مؤسفٍ للموقف الرسميّ العربي، ودعمٍ غيرِ محدود من غالبية الأنظمة والحكومات الغربية للكيان الصهيوني، وعلى رأسها الولاياتُ المتحدة الأميركية، التي فتحت أبوابَ الكونغرس الأميركيّ لإجرام نتنياهو وكذبه المفضوح، وتقديم نفسه على أنه المدافعُ عن الحضارة البشرية، ولمّا كانت الولاياتُ المتحدة الأميركية موطنَ الكذب والزيف والمُصدِّرةَ الأولى للقتلة ومُنتهِكي حقوق الإنسان، فإنها سمحت لنتنياهو بأن يكذبَ على العالم من منابرها، مُدّعياً أنه خلالَ شهور الحرب لم يقتلْ أيَّ مدنيّ حسبَ ما قاله جنديٌّ صهيوني له في أثناء زيارته رفح.
هذا الكذبُ الفاضح والدجلُ غيرُ المسبوق للمجرم الصهيوني ومحاولات تسويقه من الولايات المتحدة الأميركية كان الدافعَ وراء التظاهرات التي رافقت كذبَهُ في الكونغرس، وهو ما أدّى أيضاً إلى مقاطعة عدد من النوّاب الديمقراطيين الخطابَ واحتجاجهم عليه، وعلى ما جاء فيه من زيف، وهو الخطابُ الذي أتى بعد ازدياد المجازر الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني في غزة، بل إن شناعةَ الجرائم وفظاعتَها دفعت بعضَ الكُتّاب الصهاينة إلى انتقادها والتنديد بها، ويؤكّد الكاتبُ الصهيوني “جدعون ليفي” في صحيفة “هآرتس” أن بلادَه فقدت إنسانيّتَها بما تقومُ به بحق الشعب الفلسطيني، مُنطلِقاً في ذلك من الجريمة البشعة وغير المسبوقة في تاريخ الحروب والاعتداءات، التي أقدمتْ عليها قوّاتُ الاحتلال الصهيوني بحق الشابّ الفلسطينيّ محمد صلاح بهار المُصاب بمُتلازمة (داون)، إذ أطلقَ عليه الجنودُ الصهاينةُ كلباً مزّقَ جسدَه، وأشبعَهُ نهشاً، ثم تركَهُ جنودُ الاحتلال ليموتَ، بينما أمُّه تسمعُ صرخاتِه واستغاثاتِه التي شقّت عنانَ السماء دُونَ جدوى أو استجابة من الديمقراطيات المُزيَّفة هنا وهناك، ولمّا كانت الخطّةُ الصهيونية تقومُ على إبادة أطفال غزة وأمهاتهم وتشويه من بقيَ منهم، فقد عمدتْ إلى نشر (الفيروسات) القاتلة في المياه وبين الأنقاض في القطاع المُدمَّر، وهو ما أكّدته منظمةُ الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، التي أكّدت اكتشافَ (فيروس) شلل الأطفال في عيّنات من مياه الصرف الصحيّ في غزة، وهو (فيروس) خَطِرٌ جداً يُؤدّي انتشارُه إلى كارثة صحّية في القطاع، إضافةً إلى الكارثة البيئية التي ستصلُ إلى الدُّوَل المُجاوِرة، وهو ما يعني حالةً من القلق الكبير حسبَ ما كتبه “تيدروس أدهانوم غيبر يسوس” المديرُ العامُّ لمنظمة الصحة العالمية في مقالة له في صحيفة “الغارديان” البريطانية.
لقد أثبتت الجرائمُ الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني في غزة أن هذا المُحتلَّ المجرم يريدُ إفناءَ أطفال غزة وإبادتهم وتشويه من بقيَ منهم على قيد الحياة، وهو فعلٌ غيرُ مسبوق في تاريخ الحروب الإجرامية التي شهدَها العالم، لكنّ السؤالَ الذي يطرحُ نفسَه هو: إلى متى سيبقى العالمُ “الديمقراطيّ” المدافعُ عن الطفولة وحقوق الإنسان مُتفرّجاً على حرب الإبادة هذه؟!
لقد فضحَ خطابُ نتنياهو المأزومُ في “الكونغرس” الإدارةَ الأميركية، وعرّاها تماماً، وهي الإدارةُ التي قدّمت الدعمَ المُطلقَ إلى الكيان الصهيوني في حربه على غزة، كما أنّ هذا الخطابَ أفقدَ “نتنياهو” شيئاً من رصيده داخلَ “الكونغرس” بعد مقاطعة عشرات النواب خطابَه، وهو الخطابُ الذي أرادَهُ دفاعاً عن الهمجية والعدوان الوحشيّ المُمارَس بحقّ الشعب الفلسطيني بذريعة حماية العالَم المُتحضّر من “الأشرار.