النازية الجديدة والجيل الجديد
كتب / وفاء حميد
إبادة ودمار، وركام يحاصر الصغار والكبار، وهواء خانق ممتلىء برائحة البارود، وسحب سوداء، صبغتها أسلحة النازي بالمدافع والرشاشات حتى يلون كل شيء بالسواد….
مسحوا الوان السعادة، وصوت صيحات الاطفال، التي تتراكض كل صباح مندفعة إلى يوم جديد، إلى حياة جديدة ملؤها الامل إما إلى لهو مع أقرانهم أو إلى مدارسهم لتحقيق حلمهم، او اب يصحو مبكرا لكسب الرزق، وشباب يتطلعون لغد، فيه يحملون طموحاتهم للرقي ببلادهم، لكنهم قتلوا كل أنواع الحياة، قتلوا جيل اطفال ليشع نور المستقبل، وجرحوا ابتسامة باتت تنزف دما، وبريق عيون أغلقت ظلاما، أصبح الخوف يملأ القلوب الصغيرة والكبيرة.
والكل أصبح له تفكير واحد، متى يقف أزيز الرصاص والرشاشات؟ متى تنتهي رقصة الشيطان على جثث الأبرياء مستمتعة بموسيقى الحرب التي تدوي كل يوم؟ يؤرق المضاجع، وتبقي العيون ساهرة، وصرخات الاطفال لا تنتهي، من جوع والم وضجيج اوركسترا الحرب النازية، كل هذه المشاهد، تظهر على شاشات شعوب الأرض من أقصاها إلى اقصاها، فما من كائن على وجه الارض إلا سمع أو شاهد ما يحدث من حرب إبادة في هذه البقعة الصغيرة الصامدة المقاومة “هلوكوست” يمارس عليهم، والشعوب انشغلت عنهم لممارسة حياتهم العادية.
اعتادوا الحدث فأصبح من روتين حياتهم، او سهرة يتسامرون عليها وماهي توقعات اليوم التالي؟ الحكومة النازية أطلقت عليهم “غوييم”، “بدائين”، هو عدو فاشي، لكن من ينظر ويمارس حياته جالسا على كنبته الفارهة تحت برودة مكيفه ويشاهد هذه المحرقة فماذا يكون؟ رغم كل ما ذكر سابقا، ورغم كل انواع الذل والهوان الذي يتلقاه هذا الشعب الأعزل، إلا أنه برهن للعالم مدى قوته وصموده، ومحاولته متابعة حياته، باستخدام ذكائه الفطري للمقاومة والبقاء، فهو يصنع من العدم شيئا، ليبرهن أنه شعب لايقهر مهما طغى عليه العدوان وكل امبريالية أو لاهث للتطبيع..
إنهم أيقونة الصمود أيقونة الصبر والمقاومة، الذي يهابه العدو المحتل، فقد قال رئيس الوزراء السابق اسحاق رابين “اتمنى أن استيقظ ذات يوم من النوم فأرى غزة قد ابتلعها البحر”، ونرى اليوم استخدام العدو كل أنواع الأسلحة الثقيلة، وقنابل إبادة تعدت القنابل التي سقطت على نكازاكي وهيروشيما، ومازال صامدا مقاوما، أنه لأكبر دليل على أن يد الله معهم، “انك باعيوننا” ، غزة ذات المساحة الصغيرة التي لاتتجاوز مساحتها 365كم2 أرهقت أعظم الدول الكبرى، كم انت عظيمة ياغزة، نصرك آت لامحال، بيد مقاومتك الباسلة والقوى المساندة لك، إن كانوا يبيدون شعبك، سيأتي جيل أعظم واقوى امتلأ حقدا وكراهية على من حطم منزله وقتل أهله، إن كانت المقاومة هزت أسطورة هذه الجيوش وأظهرت الخلل الداخلي الذي فيه، فإن الجيل القادم هو من سينهيه….