الإجرامُ الصّهيونيُّ من الجولانِ إلى بيروتَ وطهران… ما الحلّ؟
كتب / د. محمد الحوراني
ما كادَتِ السّتارةُ تُسدَلُ على مراسم تنصيب الرئيس الإيرانيّ الجديد مسعود بزشكيان، حتّى شنَّ المُحتلُّ الصهيونيُّ هجوماً هو الأخطرُ على قلبِ طهرانَ، مُستهدِفاً ضَيفَها رئيسَ المكتبِ السِّياسيّ لحركةِ المُقاوَمةِ الإسلاميّةِ حماس، مُحاولاً صَبَّ مزيدٍ من الرِّجْسِ والدَّنَس على نارِ الحِقْدِ التي يُحاوِلُ إشْعالَها هُنا وهُناك، تارةً بدَعْمِهِ وتمويلِهِ للتنظيماتِ الإرهابيّةِ التكفيريّة، وتارةً أُخرى باستهدافِهِ مجموعةً من الأطفالِ الأبرياء في قريةِ مجدل شمس الجولانيّةِ المُحتلَّة، واتِّهامِهِ حزبَ الله بالعمليّةِ الدنيئةِ والجبانة. لكنَّ العَدُوَّ الصهيونيَّ تناسى بغباءِ قادَتِهِ وجَبَرُوتِ تَعنُّتِهمْ أنَّ هذهِ الفِتْنةَ القَذِرَةَ التي يُحاوِلُ إذكاءَ نارِها لا يُمكِنُ أن تقعَ، وذلكَ لوَعْيِ أهلِنا في الجولانِ المُحتلِّ وعُمقِ انتمائِهمْ وانحيازِهِمُ المُطلَقِ إلى خِيارِ المُقاوَمة على الرَّغْمِ مِنَ الاحتلالِ المُستمرِّ لأرضِهمْ سنواتٍ طويلةً ومُحاوَلاتِ العَدُوِّ الصهيونيّ فَرْضَ إمْلاءاتِهِ عليهِمْ، رَغْبةً منهُ في تقويضِ ولاءاتِهِمُ الوطنيَّةِ وانتمائِهِمُ الأصيل.
ولـمّـا كانتْ وَحْدَةُ المُقاوَمةِ وتَماسُكُ صُفُوفِها داخلَ فلسطينَ وخارجَها، بعدَ شُهورٍ من معركةِ طُوفانِ الأقصى، هما الأساسَ في إفْشالِ مُخطَّطاتِ العَدُوِّ الصهيونيِّ في السَّيطرةِ على قطاعِ غزّةَ وتهجيرِ أهْلِه، كانَ لا بُدَّ للمُحتلِّ الصهيونيِّ مِنْ أنْ يزيدَ من عمليّاتِ الاغتيال، ويُطوِّرَها لتَصِلَ إلى قياداتِ الصّفِّ الأوّلِ من المُقاوِمينَ، وهو ما حدثَ في لُبنانَ مِنِ اعْتِداءٍ صهيونيٍّ على الضَّاحيةِ الجنوبيّة، حيثُ اسْتُهدِفَ منزلٌ في حارة حريك كانَ فيه (الحاج مُحْسِن) “فؤاد شكر”، وسارَعَتْ وسائلُ الإعلامِ الصهيونيّةُ وبعضُ محطّاتِهِ إلى إعلانِ التَّخلُّصِ من واحدٍ مِنْ أهمِّ رُموزِ المُقاوَمةِ وقادَتِها في لُبنان، وعلى الرَّغْمِ مِنَ القامَةِ والقِيمَةِ الكبيرتَينِ للمُجاهدِ وعَطاءاتِهِ البُطوليّةِ في السَّاحاتِ كُلِّها، لكنَّ اسْتِهدافَهُ لا يعني أبداً تقويضَ الفِكْرِ والعقلِ المُقاوِمَين، كما لا يعني وَضْعَ حَدٍّ للتَّطوُّرِ الكبيرِ في أساليب التعاطي العسكريِّ معَ العَدُوِّ الصهيونيّ بتطويرِ الخططِ والأسلحةِ المُستخدَمةِ وتوسيعِ ساحاتِ المِحْوَرِ المُقاوِمِ، لتصلَ إلى أماكنَ لم يَتوقّعْها العدُوُّ الصهيونيُّ في يوم من الأيام.
ad
إنَّ عَجْزَ المُحتلِّ عن تحقيقِ نجاحٍ حقيقيٍّ داخلَ قطاعِ غزّةَ المُحاصَرِ والمُنْهَكِ بفِعْلِ آلةِ البَطْشِ الصهيونيّةِ كانَ هُوَ الدافعَ لهذا العَدُوِّ إلى البحثِ عن جرائمَ كبيرةٍ تفوقُ في أثَرِها المَجازِرَ وحُروبَ الإبادةِ والتَّصْفيةِ والاغتيالِ التي يقومُ بها في فلسطينَ ولُبنانَ وسُوريّةَ والعِراقِ واليمنِ وإيرانَ وغيرِها مِنْ دُوَلِ المُقاوَمة، ولهذا كانَ لا بُدَّ لهُ مِنْ أنْ يلجأَ إلى تصفيةِ العُقولِ المُخطِّطةِ لهذا الثَّباتِ وتلكَ البُطولاتِ الأُسْطُوريّةِ هُنا وهُناكَ، مُحاوِلاً خَلْطَ الأوراقِ باسْتِهْدافِهِ أبا العَبْدِ، إسماعيلَ هنيّة، في طهرانَ، وسطَ احتفالاتِها بتَنْصيبِ رئيسِها الجديد الذي أعلنَ انْحِيازَهُ المُطلَقَ إلى المُقاوَمةِ ورَغْبَتَهُ الجامِحَةَ في استئصالِ شأفةِ الكيانِ الصهيونيِّ بدَعْمِ قُوى المُقاوَمةِ في دُوَلِ المِحْوَرِ وفي فلسطين، كما أنَّ هذا الاعتداءَ الجبانَ يُمثِّلُ إهانةً للوساطاتِ والدُّوَلِ التي تَحْرِصُ على التَّفاوُضِ بينَ المُقاوَمةِ والكيانِ الصهيونيِّ لإيجادِ حلٍّ لحربِ الإبادةِ التي يَشنُّها الكيانُ الصهيونيُّ على أهلِنا في غزّة، ويُؤكِّدُ أنّ هذا العدوَّ لا يفهمُ إلّا لُغةَ السِّلاحِ والقُوّة، وأنَّ خِيارَ المُقاوَمةِ هو الوحيدُ القادرُ على وَضْعِ حدٍّ لجرائمِ الاحتلالِ ومُمارَساتِه.
وإذا كانتِ الولاياتُ المُتّحدةُ الأميركيّة قد أعلنَتْ تَنصُّلَها من العمليّةِ وعِلْمَها بها قبلَ حُدوثِها، فإنَّها أعلنَتْ وُقوفَها إلى جانبِ الكيان ودَعْمَهُ في وَجْهِ أيِّ انتقامٍ أو رَدٍّ من إيرانَ أو قُوى المُقاوَمة، وهذا يعني أنَّ الولاياتِ المُتّحدةَ الأميركيّةَ شريكٌ أساسيٌّ للكيان في جرائمِهِ هذه، وهيَ الجرائمُ التي تستدعي ردّاً مُـزَلْـزِلاً على الكيانِ واعْتِداءاتِهِ على الجُمْهوريّةِ الإسلاميّةِ ولُبنانَ وغَيرِهما مِنْ دُوَلِ مِحْوَرِ المُقاوَمة، ذلكَ أنّ هذا العُدْوانَ يُمثِّلُ انْتِهاكاً لسِيادَةِ الدُّوَل، ويَسْتَوجِبُ رُدوداً قاسيةً، تَفُوقُ في رَدْعِها وفَعّالِيّتِها تلكَ الاعتداءاتِ الآثمةَ على هذهِ الدُّوَلِ التي انْتُهِكَتْ سِيادَتُها، وضُرِبَتْ في كِبْرِيائِها وعِزّتِها. لقد آنَ الأوانُ لرُدودٍ كبيرةٍ على مُستوى فلسطينَ والمِنْطَقة، رُدودٍ مِنْ شأنِها أن تضعَ حدّاً لهذا الإجرامِ الصهيونيِّ المُتنقِّلِ من فلسطينَ إلى سُوريّةَ ولُبنانَ وإيران، ذلكَ أنّ ما يقومُ بهِ المُحتلُّ الصهيونيُّ من جرائمَ وحربِ إبادةٍ ومُحاوَلاتٍ لخَلْطِ الأوراق وإيقاظِ الفِتَنِ النائمة لا يُمكِنُ أن ينتهيَ إلّا بالقضاءِ على هذا الكيانِ المُجرِم، وأعتقدُ بأنّنا في اللحظةِ المُثْلى والتَّوقيتِ الأفضلِ للبَدْءِ بعمليّةِ التخلُّصِ من الوُجودِ الصهيونيِّ في مِنْطَقتِنا على الرَّغْمِ من التَّبعاتِ التي يُمكِنُ أن تَحْمِلَها عمليّةٌ كهذِه، لكنَّها تبقى أقلَّ كلفةً من الإبقاءِ على هذا العدوِّ المُجرمِ وتَمْكِينِهِ من رِقابِنا هُنا وهُناك.