الرد الايراني المنتظر
كتب / صالح القزويني
القلق الذي يساور شعوب وحكومات دول المنطقة وبعض دول العالم في الوقت الراهن هو أن رد محور المقاومة على التفرعن الإسرائيلي لن يقتصر على المتحاربين وانما يتدحرج الاشتباك إلى حرب واسعة تشمل العديد من الدول والمناطق.
فلا أحد يتردد ويشك في حتمية الرد الإيراني على الجريمة التي ارتكبتها إسرائيل، لأن إيران التي لا تطيق احتجاز سفينة لها فتقوم في المقابل باحتجاز سفينة لتلك الدولة التي احتجزت سفينتها، ولا تطيق احتجاز أحد عناصرها سواء بتهمة الالتفاف على العقوبات أو اتهامات أخرى، ولا تطيق احتجاز أموالها فتقوم بردود فعل عقابية، ولا تطيق ضرب قنصليتها فترسل العشرات من الصواريخ والمسيرات، فهل يا ترى تسكت على استهدافها في عقر دارها؟
كان بامكان استهداف الشهيد هنية في أي دولة أخرى وربما لن تكون تكلفة الاستهداف مرتفعة، ولكن اسرائيل تعمدت استهدافه في طهران لتهدر كرامة إيران، ولتقول لطهران انها قادرة على استهداف استقرارها وأمنها، وهذا ما لاتطيقه طهران بتاتا.
يكاد يكون هناك إجماع بين الخبراء والمحللين السياسيين وعموم وسائل الاعلام، إن الرد لن يقتصر على إيران وإنما سيقوم المحور برمته بالرد على إسرائيل، خاصة وأن طهران خلصت من تجربة الرد على قصف قنصليتها في دمشق، إن النيران كلما تكثفت ضد إسرائيل من عدة مناطق ومن عدة وسائل عسكرية فان عجز اسرائيل في التصدي لتلك النيران سيتزايد، ويفقد تل أبيب وحلفائها السيطرة على كثافة النيران ، من هنا فان من المتوقع أن الرد سيكون من الجميع.
اذن، ليس هناك خلاف في الرد وأن الرد سيكون من قبل الجميع، وانما الخلاف في، هل سيكون متزامن وفي آن واحد أم متعدد الأوقات، وهناك خلاف آخر في أن الحرب هل ستتوسع أم انها تبقى محدودة؟
اتساع رقعة الحرب يتوقف بالدرجة الأساسية على القرار الأميركي في المشاركة فيها أم الامتناع عن المشاركة، وقد أعلنت الادارة الأميركية انها ستدافع عن إسرائيل، ولكن من المهم جدا معرفة مديات هذا الدفاع، فهل ستكتفي باسقاط الطائرات والصواريخ التي تتجه الى اسرائيل ام انها ستذهب إلى أبعد من ذلك؟
صحيح أن الرئيس الأميركي جو بايدن أكد في الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو دعم الولايات المتحدة له في التصدي لأية ضربات يوجهها محور المقاومة لإسرائيل، غير أن وسائل اعلام أميركية وغربية كشفت بأن الدعم الأميركي يقف عند هذا الحد ولن يتجاوزه، لذلك فان بايدن حذر نتنياهو من التمادي ومواجهة ضربات المقاومة بضربات أخرى، مما يعني إن القوات الأميركية لن تشارك باتساع الحرب.
وسواء صحت هذه المعلومات أو لم تكن صحيحة، فإن اتساع الحرب لتشمل المنطقة برمتها يتوقف على القرار الأميركي في طريقة الدفاع عن اسرائيل، فاذا اكتفت القوات الأميركية بالسعي لإسقاط صواريخ والطائرات المسيرة لمحور المقاومة، فلن تتوسع الحرب، وأما اذا قامت بالرد على مصادر النيران سواء انطلقت من ايران أو العراق أو لبنان أو اليمن، فإن الأمر سيختلف تماما.
فمن المتوقع جدا أن اللبنانيين لن يقفوا عند حد اطلاق الصواريخ والمسيرات على المواقع التي طالما استهدفتها طيلة الشهور الماضية بل ستوسع من دائرة أهدافها لتطال مناطق أخرى، ولعل نشر ما التقطته “الهدهد” يشير إلى ذلك، بل من المتوقع أن حزب الله سيذهب إلى أبعد من ذلك، ووفقا لما قاله سماحة السيد حسن نصر الله بأنه لن تكون هناك سقوف للرد.
ومن المتوقع أيضا أن العراقيين لن يكتفوا باطلاق الصواريخ والمسيرات على القوات الأميركية في سورية والعراق، وانما سيهاجمون القواعد والقوات والمصالح الأميركية في العراق.
الايرانيون والحوثيون سيهاجمون بدورهم القواعد الأميركية في المنطقة، حال وقوع أية هجمات أميركية على ايران ولبنان والعراق، وبذلك ستندلع الحرب الشاملة في المنطقة.
ربما هذا السيناريو المتوقع سيمنع الولايات المتحدة من الذهاب إلى أبعد من السعي إلى اسقاط الصواريخ والطائرات التي يطلقها محور المقاومة على إسرائيل، وهناك قضايا أخرى تمنع الولايات المتحدة من المشاركة في استهداف ايران ولبنان (باعتبار انها طالما استهدفت اليمنييين والعراقيين) وهو، اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، فالجميع في أميركا منشغل اليوم بالانتخابات وغير متفرغ لحدث عظيم وهو نشوب الحرب.
أما الأمر الثاني فهو الحرب في أوكرانيا، وانشغال الولايات المتحدة وعموم الغرب بها الأمر الذي لا يسمح لأحد بفتح جبهة جديدة خاصة وانها غير محسومة النتائج، ولكن مع كل ذلك فان الوقوع في الأخطاء القاتلة لا يقتصر على دولة دون أخرى.