إسرائيل وأمريكا.. أيهما يقود الآخر؟!
كتب / توفيق أبو شومر
سأظلُّ أتذكر مقالا للكاتب الإسرائيلي، نير برعام في صحيفة معاريف وهو يهدد أمريكا بفتح ملفاتها السوداء، وكان سبب ذلك يعود إلى أن أمريكا عام 2001م جرؤتْ وطالبت إسرائيل بوجوب الانسحاب من المدن الفلسطينية التي احتلتها في زمن الانتفاضة الأولى! نبش الصحفي والكاتب، نير برعام الملفات الأمريكية المحفوظة في أرشيفات المخابرات الإسرائيلية وفي مراكز الأبحاث والدراسات ليؤكد أن شعار الديموقراطية في أمريكا شعار زائف قال: “انتبهوا أسقطت أمريكا الجنرال أليندي في تشيلي، وهو زعيم الاشتراكية المنتخب ديموقراطيا، وأيدت نظام كونتراس الديكتاتوري في نيكاراغوا، وأيدت ثم سجنت الطاغية العسكري، نورييغا في بنما، وتدخلت السي آي إيه في شؤون كل دولة في أمريكا اللاتينية، وقتلت نحو مليون فيتنامي في حرب شرسة، وأبادت مئات الآلاف في هيروشيما ونجازاكي، أما عن الاقتصاد فقد استغلت أمريكا الثروات المادية والبشرية للعالم الثالث، تحت ستار شعارات: الحرية، العدل، والمساواة، الديموقراطية”(صحيفة معاريف 14-10-2001م)
ما يزال كثيرون من فقهاء التحليل السياسي مُصرَين على المطالبة بأن ترفع أمريكا البطاقة الحمراء في وجه إسرائيل(وتأمرها) بالموافقة على هدنة أو اتفاقية لتبادل الأسرى في غزة! هؤلاء جميعهم لم يستوعبوا درس خطاب نتنياهو في الكونجرس والتصفيق الحار وقوفا ثلاث وسبعين مرة، ولم يتأكدوا بعد من طبيعة العلاقة بين البلدين حتى وهم يرصدون قنابل التدمير الامريكية وهي تمحو قطاع غزة وقرى جنوب لبنان، وتغتال معارضيها في كل مكان!
الحقيقة هي أن أمريكا وإسرائيل متوافقتان ومتماثلتان، قال الكاتب ريتشارد بروكهايز: “يكمنُ الفرقُ الوحيد بين الحزب الديموقراطي الأمريكي، وبين الإصلاحيين الدينيين اليهود في شيء واحد فقط، وهو أيام العطلات الرسمية”
للتذكير فقط؛ عندما وصل المهاجرون الأوائل من إنجلترا إلى العالم الجديد(أمريكا) أسموا أمريكا (أورشليم الجديدة)، وكانوا يتشبهون بالعبرانيين القدماء، هؤلاء هم مؤسسو أمريكا!
إن تأثير النفوذ المالي للوبي الصهيوني في أمريكا هو الركن الرئيس في العلاقات بين التوأمين، أمريكا وإسرائيل، إن التزام أمريكا بدعم إسرائيل بأكثر من أربع مليارات دولار سنويا هو التزام قسري قابل للزيادة في كل عام!
علينا أن نتذكر أن إسرائيل ليست دولة، بل قاعدة عسكرية أوروبية أمريكية، وضع استراتيجيتها كل رؤساء أمريكا وأوروبا السابقون والقادمون!
إسرائيل هي الدولة النووية الوحيدة في العالم المعفاة من الخضوع للتفتيش والمراقبة على مخزوناتها من السلاح النووي، وهذا بموافقة أمريكا، تحت شعار ضبابية السلاح النووي الإسرائيلي!
هي إذن القصة القديمة الجديدة، قصة إنشاء إسرائيل لأمريكا، أو إنشاء أمريكا لإسرائيل، كلاهما ستظلان إلى الأبد مربوطتين بالحبل الصري ذاته، على الرغم مما يُعلن عنه من قضايا خلافية بينهما، مثل قضية التجسس بين الدولتين، وكأن إحداهما ليست هي الأخرى، وهذا نوعٌ من التمثيل بقناعٍ زائف، حتى ولو كان الضحية هو، جونثان بولارد
إن إنشاء أمريكا كان مطابقا لإنشاء إسرائيل، فكلاهما قام على الإحلال والمحو والإبدال، إحلال جنس جديد في مسقط رأس الجنس الأصلي بالقتل والمحو، هؤلاء يتوهمون بأن أمريكا تنوي ردع إسرائيل عن إقامة المستوطنات، مع أن التاريخ الأمريكي بدأ بتأسيس المستوطنات على أنقاض أكواخ سكان أمريكا الأصليين!
ستظل سطوة اللوبي الصهيوني على أمريكا قوية ومؤثرة، ولا يمكن إزالتها بسهولة، لأنها أصبحت هي العربة الموصلة للزعامة والحكم، لذا فإن المنافسة بين الرؤساء الأمريكيين على دعم إسرائيل ومحاربة أعدائها هي السبيل الأسرع للوصول إلى الثروة والسلطة والحكم!
هناك عشرات الاتفاقات ومئات البروتوكولات السرية بين التوأم، لا بين الدولتين، تنصُّ كلها على تزويد الأخرى بكل المعلومات السرية المتعلقة بأي طرف منهما، فكل المعلومات عن إيران، تصل أمريكا من إسرائيل، ومعظم المعلومات عن أسرار حكومات العرب واقتصادهم وأموالهم تصل إسرائيل من أمريكا.
أيها الخبراءُ والقادة السياسيون اقرؤوا بعض ملفات اتفاقية السلام الإسرائيلية المصرية 1979م، كمال نشرت في كتاب، توحيد مجدي، (أسرار آخر الحروب 2013) وهو الصحفي في روز اليوسف، هذه الاتفاقية الموقعة من الرئيس السادات ومناحم بيغن جاء فيها:
كشفت المخابرات المصرية البنود السرية بين أمريكا وإسرائيل كثمن لتوقيع إسرائيل على اتفاقية السلام، وقد جرى التوقيع بين، سايروس فانس وزير خارجية أمريكا من الحزب الديموقراطي، وبين مناحم بيغن رئيس وزراء إسرائيل، أبرز هذه البنود السرية:
“فتح مخازن الأسلحة الأمريكية الستة الموجودة في إسرائيل تحت الأرض للجيش الإسرائيلي لتزويده بالأسلحة والذخائر بما فيها المستشفيات العشرة المجهزة لاستقبال خمسين ألف سرير، تتكفل أمريكا بنشر منظومة الألغام النووية شديدة القوة على حدود إسرائيل مع سوريا، تلتزم أمريكا بإمداد إسرائيل بكل ما يلزمها من السلاح إذا أخلت مصر بالاتفاق، وأن تدفع ثمن تأسيس صهاريج بترول ضخمة في ميناء إسدود، وأن تستخدم حق الفيتو على كل قرار يُدين إسرائيل، وأن تزود إسرائيل بأحدث الطائرات”!
وفي الإطار نفسه يجب قراءة سيرة خليفة الرئيس الأمريكي روزفلت، وهو رئيس أمريكا الثالث والثلاثون العضو البارز في المحفل الماسوني هاري ترومان، فهو الذي أمر بإلقاء القنبلتين النوويتين على المدينتين اليابانيتين، هيروشيما ونجازاكي في شهر أغسطس عام 1945م، وهو من أول المعترفين بتأسيس إسرائيل على أرضنا، بعد سلسلة مجازر عصابات الإبادة الجماعية الصهيونية!
كثيرون ما يزالون يُعجبون باستيقاظ ضمائر الزعماء الأمريكيين حصريا عندما يخرجون من الحكم، فهل يعود ذلك إلى مرض التخلص من عقدة الذنب التي ارتكبوها في حق الآخرين؟ أم يعود إلى قناعتهم بالمبادئ التي ظلوا ينادون بها ويستعملونها طعما من طعوم الصيد والتغرير، وهي الديموقراطية والحرية والإخاء والمساواة؟!