غزة.. بين إخوة الدم و إخوة السلاح.؟!
كتب / أسامة القاضي
المعروف ان الجامعة العربية “أنشئت بصفة عامة، للدفاع عن مصالح الدول العربية الأعضاء بها من ناحية، وللدفاع عن مصالح كل المجتمع العربي من ناحية أخرى، وهذا هو الجوهر الأساسي لأهداف هذه المنظمة العربية، أو الغرض الأساسي من بين مختلف أغراضها، والذي تتفرع عنه بقية الأهداف والأغراض الأخرى”.
لكن ما يجري على ارض غزة بشكل خاص منذ 11 شهرا، وفلسطين المحتلة بشكل عام، ناهيك عما يجري في اماكن اخرى كالحرب الاهلية في السودان، والحرب على اليمن، وازمة سد النهضة الاثيوبي، والعدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان وسوريا والعراق، يثير العديد من علامات الاستفهام الكبرى، على حقيقة دور الجامعة العربية.
“اقوى”! موقف للجامعة العربية ، من معركة “طوفان الاقصى”، والعدوان الاسرائيلي على غزة، جاء في البيان الصادر عن اجتماع وزراء الخارجية العربية، الذي عقد بطلب من المغرب كرئيس دوري، “حيث أدان قتل المدنيين من الجانبين واستهدافهم وجميع الأعمال المنافية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وأكد على ضرورة حماية المدنيين، انسجاماً مع القيم الإنسانية المشتركة والقانون الدولي، وعلى ضرورة إطلاق سراح المدنيين وجميع الأسرى والمعتقلين”، اي انه ساوى بين حماس والكيان الاسرائيلي.
اللافت في الاجتماع، انه لم يشهد اي كلمات لوزراء الخارجية العربية، ولم يتم عقد مؤتمر صحفي للامين العامة للجامعة العربية، في ختام الاجتماع، كما هي العادة. ولم نسمع “تهديدات” بسحب السفراء العرب لدى الكيان الاسرائيلي، ناهيك عن طرد سفراء الكيان لدى الدول العربية!!. وكنا نتمنى ان تتصرف الجامعة العربية، على الاقل ، كما تصرفت عام 2011 ، خلال الحرب التي فرضت على سوريا، وكذلك خلال الازمة التي شهدتها ليبيا، حيث علقت الجامعة العربية مشاركة ليبيا وسوريا في الجامعة العربية فورا، ومنحت مقعدي سوريا وليبيا الى من كانت تصفهم بالمعارضة، وبذلك شرعنت التدخل الامريكي والغربي والتكفيري، في سوريا وليبيا، بذريعة “قمع المتظاهرين”!.
لا ندري ماذا تنتظر الجامعة العربية للدفاع عن مصالح العرب، وقد اختفت منذ فترة حتى بات لا يصدر عنها اي بيان تنديد بجرائم “اسرائيل” في فلسطين المحتلة وفي سوريا ولبنان والعراق واليمن، فهل هناك فاجعة اكثر من فاجعة غزة، والابادة الجماعية التي تنفذها “اسرائيل” بدعم امريكي واضح؟. وهل يحتاج انسان عربي الى ذكاء كبير ليعرف ان هدف الحرب هو افراغ غزة من اهلها وتوطين المستوطنين فيها؟. وهل بامكان الجامعة ان تبين لنا موقفها ازاء ما قاله وزير الخارجية في الكيان الاسرائيلي يسرائيل كاتس، على صفحته بموقع إكس، :”إنه يجب التعامل مع التهديد في الضفة الغربية تماما كما تم التعامل مع قطاع غزة”، ودعا ” الى تنفيذ إجلاء للسكان هناك، والقيام بأي خطوات أخرى مطلوبة..ان هذه حرب على كل شيء وعلينا أن ننتصر فيها”. ألا يعني هذا ان القرار الاسرائيلي الامريكي قد اتخذ من اجل افراغ فلسطين المحتلة من الوجود الفلسطيني، وتهويدها بالكامل؟.
عندما نقول انه قرار امريكي، فاننا نعي ما نقول، فامريكا ولاول مرة في تاريخها تضع كل امكانياتها العسكرية والاقتصادية والسياسية والاعلامية في خدمة “اسرائيل”، وتخاطر بهذا الشكل الفاضح بمكانتها وسمعتها الدولية، من اجل معركة صغيرة في غزة؟. ان امريكا عاقدة العزم هذه المرة ليس على اجتثاث المقاومة من غزة والضفة الغربية، بل تهجير الفلسطينيين من ارض اجدادهم، واحلال المستوطنين مكانهم، بل واكثر من ذلك ان امريكا ، كما قال المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسيسة دونالد ترامب، تعمل على توسيع “رقعة اسرائيل” ، على حساب الدول العربية التي تتخذ اليوم موقفا متفرجا على ما يجري في غزة.
الشيء المهم الذي فات امريكا، ان الشعوب العربية والاسلامية، لا تفكر “بضبط النفس وتجنب الفوضى واحتواء التصعيد” ولا بـ” خفض التصعيد في المنطقة تجنبا للانزلاق نحو حرب إقليمية”، و… لذلك ترى هذه الشعوب في المقاومة، ممثلا شرعيا لها، لانها تعرف ان غزة اليوم تحتاج الى إخوة لها في المقاومة و السلاح اكثر من حاجتها لإخوة في الدم، ، فالمقاومة التي افشلت كل مخططات الثنائي الامريكي الاسرائيلي الارهابي المشؤوم، سترد على ارهاب واجرام، كاتس وغالانت وهاليفي ونتنياهو وبايدن وبلينكن و أوستن ، وهو رد، باتت الشعوب العربية، واثقة من انه قادم لا محالة، بعد ان شهدت بعض جوانبه في “الوعد الصادق” الايراني، و في “يوم الاربعين” اللبناني، وفي الرد الصاعق والماحق اليمني والعراقي ، وسيقلب طاولة مخططات الثنائي الامريكي الاسرائيلي، ضد القضية الفلسطينية، على رأس اصحابه.