يا قوم: إنه الغضب الديمقراطي
كتب / أمل هاني الياسري
(اللحظات غير المخطط لها غالباً ما تكون الأجمل؛ لأننا نعيشها دون توقعات)، فرحنا بالتغييرات والتغيرات، رغم أنها أمنيات متطايرة عن الحرية، وعبارات لامعة عن العدالة، لكن تجاعيد العملية السياسية خذلتنا سنة بعد أخرى، كأنها خسارات فاتنة يعتذر لها الرافدان كل يوم، حتى شح الماء منهما، فهل لسيمفونية الشياطين وسرقاتهم من نهاية، وهل الغضب كافٍ لفرض التغيير؟! أم أن المعطيات والضغوطات أقوى من إرادة أصحاب القرارات؟
لو أراد الله عز وجل أن يخلقنا متشابهين لخلقنا؛ لذلك فإن عدم إحترام الإختلافات في الأفكار والمتبنيات عن الآخرين، يعني عدم إحترام النظام المقدس الذي أرساه الله للبشرية، فلا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، فكيف نغير وضعنا ونحن لا نغير أنفسنا؟ والمفاوضات والتفاهمات، والسرقات والقناعات لا تتغير، وكل ما نستطيع فعله هو التظاهر والغضب ، الذي يفتك بقلوبنا قبل أجسادنا تجاه الوطن والمجتمع، فالحقد والنقد وجهان، لعملة رجل تمكن منه غضبه الديمقراطي ليس إلا!
(العراق قبل 2003 وما بعده هي مقارنة بين نهجين) كلمات قد تكون قصيرة، لكنها ذات مداليل عميقة، وما بين القوسين ارسم حياتك مع الإنكسار أم الإنتصار؟ وهل تتمتع برفاهية مؤقتة زائفة، أم هي رفاهية الإنهيار؟ وهل أن تداعيات الغياب الدكتاتوري أفصح عن أحجيته العبثية؛ لعسكرة مجتمع مستعبد سابقاً؟ إذن دع غضبك الديمقراطي الحر يخرج في تظاهرات حاشدة، في مدينة تسرد الدمع كما تسرد الحياة اليوم.
تغيرات وتركات، إملاءات وحكومات، سياسات وتوازنات، جلسات وصراعات، سرقات وتعيينات، بصمات ولوبيات، تهديدات ومجسرات، مخدرات وتصفيات، وغيرها من مشاهد بلد لا يريد قراءة معنى الوحدة التجسسية (8200) الصهيونية، التي تنجب شواذها وتطلقهم كالكلاب المسعورة، وينفثوا سمومهم في عقولنا، ويهدموا قيمنا وديننا، وما زال العقل العربي مختنقاً، لظلام نهر دجلة، الذي أغرق حبر كتبهم ماؤه فجعله أسوداً، وضاع الفرق بين (رحمة) و(رحمت)، مالكم لأي الأمور تغضبون؟ فمهم جداً أن نكتب أبجديات وحدتنا، بعيداً عن التعصب الديمقراطي.
يا قوم: كثرة الخيبات تجعلنا أمواتاً على قيد الحياة، أطلقوا غضبكم الديمقراطي لأجل وطنكم، مرغوا أنوف الأعداء بوحل الهزيمة، فالعملية السياسية في بلدنا ليست مثالية متكاملة، وجرعات الديمقراطية المفرطة لا تفسد الجميع، بل إن التسقيط السياسي، والإرتزاق السياسي، والإختلاف السياسي، والعداء السياسي، والإعلام السياسي، والفساد السياسي، تولد كلها أجواء من التصدع، وبالتالي سنكون مكائن تصب الزيت على النار؛ لتولد الحرائق، وعليه فالعراق أكبر منا جميعاً.