الغرب الاوسط..!
كتب / سارة سلام ||
كثيرا ما نردد مقولة بعض الشرور أهون، لعلنا نرددها للتمييز بين أمرين احلاهما مر، نميزاو نقارن بين حقبتين، بين نقطتي تحول او حتى بين موسمي الصيف والشتاء، بين ليل ونهار أو حرب وحرب، هذا قد يشار للمقارنة بين شخصين سواء كان سلطة عليا او ما دون السلطة، فاللهيمنة ابواب ووجوه متعددة بالتالي لطالما ما كان الشرق الاوسط معرضاً لاشكال الهيمنة المتعددة ومن مختلف الاقطاب، ولعل اكثر ما يشاع ذكره على ألسنة العامة من الناس، والمتخصصين من محللين وسياسيين على الشاشات وبين الصحف والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي مسمى “الشرق الاوسط”، ما يجعل ما يتبادر للذهن انك كائن شرق اوسطي بشقيَّ التسمية الشرق والاوسط، الشرق اتجاها جغرافيا لكن الشرق بالنسبة لمن ؟! واوسطي ايضا بالنسبة لمن؟! هل أننا عالقون بحقبة وسطية لمن نغادرها بعد ! أمما اننا مرتبطون باوساط البحار واوساط القضايا والمصير؟ خاصة وأننا لم نسئل سلفا من أين جاءت التسمية ولماذا.
الشرق الاوسط مصطلح جيوسياسي، والجيوسياسية بالمقام الاول مصطلح يطلق على التأثير المتبادل بين الجغرافيا والسياسة، وبالعودة للشرق الاوسط فهو مصطلح اوروبي شكلا ومضموناً يخضع في بيان مدلوله لاعتبارات سياسية وحضارية وجغرافية، ومصالح استعمارية سُجلت في صفحات من التاريخ يتسع المجال لاستذكرها ولا مجال لذكرها في عدد كلمات مقال قد يُنشر وقد يحجب من النشر، بالتالي فأننا كشرق اوسط نمثل شرق اوروبا كمنطقة تقع جنوب غرب آسيا وجزء من أفريقيا القاسم المشترك بين مختلف المدلولات، وتضم: دول بلاد الشام والخليج العربي والعراق وإيران، بالإضافة إلى مصر في شمال شرقي أفريقيا، وكثيرا ما تقع تركيا ضمن هذا المدلول الشائع، وترتبط هذه الدول جميعا بعناصر جغرافية وحضارية مشتركة، وتشترك جميع الدول التي تندرج تحت هذا المصطلح في عنصر المكان، حيث تقع في حيز جغرافي متميز، يمتد ما بين البحر الأبيض المتوسط غربا إلى الخليج العربي شرقا، ومن البحر الأسود وبحر قزوين في الشمال إلى الصحراء الكبرى والمحيط الهندي في الجنوب.
ويعود تاريخ التسمية إلى تاريخ ظهور المصطلح، إذ صاغته وزارة الخارجية البريطانية في نهاية القرن الـ19، ثم استخدمه ضابط في البحرية الأميركية في مقال نشر له عام 1902، وخلال الحرب العالمية الثانية أُطلق مصطلح الشرق الأوسط على القيادة العسكرية البريطانية في مصر، وفي منتصف القرن الـ20 توسع استخدامه أكثر ليشمل البلدان الأخرى، وسابقا استخدم مصطلح “الشرق الأدنى” للتعبير عن مفهوم قريب من دلالة مصطلح الشرق الأوسط، ولا يزال “الشرق الأدنى” يستخدم أحيانا على نطاق ضيق وبشكل غير شائع، وأحيانا يظهر في استخدامات وزارة الخارجية الأميركية وبعض هيئات الأمم المتحدة.
بالمقابل يظهر مصطلح “الغرب الاوسط” منافساً لمصطلح الشرق الاوسط، وله اهداف ومطامع تشابه المطابع الاوروبية القديمة والحديثة والآنية، الصين المنافس بين دفتي اوروبا والولايات المتحدة الاميركية، وايضا لابد من الوقوف على تسمية الغرب الاوسط اصل التسمية ومحتواها كما تقول تراتبية الابحاث في العادة، يستخدم الإعلام الصيني مصطلح “الغرب الأوسط”، واصفاً طول المنطقة الجغرافية العربية وامتداداتها، التي سبق للنطاقات الغربية أن أطلقت عليها “الشرق الأوسط” من قبل، مما يشير إلى أن الجانب الصيني وفي مقاربته وخطابه الإعلامي الموجه بات يربط هذه المقاربة الجديدة مع إعادة تعريف مصالح بكين الكبرى في الشرق الأوسط وخارجه.
هاتان الجهتان المتنافستان المتصارعات تطلقان عليك عزيزي القارئ هذا المصطلح، ولعلك لا تعرف ان كنت شرق اوسطي او غرب اوسطي مع من تقف ولماذا والى متى ؟ ولعل كل قارئ ينحاز لجهة ما من هاتين الجهتين ولسنا بصدد تبيان أحدهما أولا من الثانية، بالتالي فأن اي هيمنة تُفرض لها ما يغذيها من الاهداف والاطماع والنوايا وان كان ذئبا بثياب ليلى او كان ثعلبا مختبئا في قن الدجاج بالتالي اذا ما تمكنت الصين من فرض الهيمنة لربما سنعيد ترديد بعض الشرور أهون، ولكن السؤال الصريح الذي يُطرح بعد هذا الايجاز عن شكل التسميات واهدافها بالنسبة لجهاتها ودولها واجنداتها؛ هل من الصحيح ان يتبنى الاعلام العربي او المحلل السياسي او الصحفي او حتى المواطن تسميات اوروبية تطلق عليه ! باعتقادي هذا تخلي ضمني عن الهوية الذاتية المستقلة التي ما زال المواطن العربي تائها يبحث عنها.
والسلام …