القانون الأمريكي المقلوب!!
كتب/ أسامة القاضي..
“أعلنت وزارة العدل الأمريكية، الثلاثاء، رفع دعوى قضائية ضد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار وقادة آخرين بالحركة على خلفية عملية “طوفان الأقصى” التي استهدفت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية محاذية لقطاع غزة”.
الدعوى المرفوعة أمام محكمة فيدرالية في مدينة نيويورك تضمنت اتهامات مزعومة بـ”التآمر لتقديم دعم مادي لمنظمة إرهابية أجنبية؛ مما أدى إلى وقوع وفيات”!. وبين قادة حماس الذين تم توجيه الاتهام لهم، قائد الحركة يحيى السنوار، والشهيد اسماعيل هنية.
الجمهورية الاسلامية في ايران، كانت في طليعة دول العالم، التي كانت ومازالت ترفض النظام الدولي الحالي الذي تقوده امريكا، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فامريكا في ظل هذا النظام، هي المُشرّع، وهي الشاكي، وهي المدعي العام، وهي القاضي، وهي السجان، وهي الجلاد. فقوانينها تسري على العالم اجمع،
وكل “تمرد” على هذا القانون يواجه بقوة عسكرية او حصار تجويعي، ولهذا السبب مازالت ايران، منذ اكثر من اربعين عاما، تتعرض لشتى الضغوط بدءا من فرض الحروب عليها، وحصارها، ومرورا بزرع الفتن المذهبية والعرقية بين ابنائها، وانتهاء بتجنيد الجماعات التكفيرية والانفصالية ودعمها لارتكاب جرائم وضرب امنها واستقرارها.
كلما يمر الوقت تتكشف حكمة القيادة الايرانية في مناهضتها للنظام الامريكي الاحادي القطب، هذا النظام هدد صراحة حياة قضاة محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، لانهم فكروا في اتهام “اسرائيل” بارتكاب ابادة جماعية في غزة، واصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت، لدورهما في المآسي التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، رغم ان هؤلاء القضاة يعملون وفق القوانين الدولية، بينما نرى في المقابل ترفع امريكا شكوى في محاكمها الخاصة ضد قادة حركة المقاومة الاسلامية حماس، لانهم قاموا بعمل ادى الى “وفيات” بين صفوف الصهاينة!!.
ليس هناك في ظل هذا النظام المتوحش الذي تقوده امريكا، من يجرؤ ان يقول لامريكا ان ما قامت به حماس في 7 اكتوبر هو عمل مشروع وفق القانون الدولي، فـ”القوات الاسرائيلية”، هي قوات تحتل اراض فلسطينية، كما تعترف بذلك امريكا نفسها،
فغزة والضفة الغربية هي ارض محتلة، وان القانون الدولي يمنح الحق لاي شعب في العالم ان يقاوم المحتل باي وسيلة كانت. وان الارهابي الذي يجب ان يحاكم في المحاكم الدولية، هو “اسرائيل” التي تقتل الفلسطينيين وهم في ارضهم، منتهكة بذلك حتى القوانين الدولية التي تنظم العلاقة بين المحتل والذين احتلت ارضهم.
انها امريكا، لا تعترف لا بقانون دولي ولا بامم متحدة ولا بالمحاكم الدولية، فقوانينها فوق الجميع، لذلك تدعم وبشكل مطلق المحتل الاسرائيلي وتمده باحدث الاسلحة ليقتل ويشرد وينهب، وتمنع العالم من وقف آلة الموت الاسرائيلية، وفي المقابل تستخدم كل الامكانيات لسحق الضحية، دون اي اعتبارات انسانية.
تفرض امريكا حصارا على ايران منذ اكثر من اربعة عقود بذريعة كاذبة وهي سعي ايران للحصول على القنبلة النووية، وهي كذبة لم تتمكن امريكا من اثباتها رغم كل هذه السنوات. وهي التي تحتل الدول بذريعة امتلاكها اسلحة دمار شامل ثم يظهر انها لم تكن سوى كذبة، ورغم ان احتلالها اسفر عن موت وجرح وتشريد الملايين من البشر،
الا انه لم نر اي تحرك دولي لمحاسبتها على فظائعها تلك. وقبل ايام سرقت جهارا نهارا طائرة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، من الدومنيكان ونقلتها الى ولاية فلوريدا، بذريعة ان عقد شراء الطائرة ينتهك القانون الامريكي!!. بينما العالم اجمع يعلم ان عداء امريكا لمادورو، سببه طمع امريكا بنفط وغاز فنزويلا، لانها تسعى للتخلي عن غاز ونفط روسيا. وان مادورو يعتبر العقبة الكأداء امام تحقيق امريكا لهدفها هذا.
رغم ان تاريخ امريكا المشؤوم، ليس سوى عدوان متواصل ضد الانسانية، الا ان غزة، اسقطت اخر ورقة توت كانت تتستر بها امريكا، التي ظهرت على حقيقتها حتى امام الشعب الامريكي نفسه، بعد ان انتفضت الجامعات الامريكية، وخرج طلبتها في تظاهرات احتجاجية عارمة، ضد الدعم المطلق والاعمى لبلدهم، للجريمة النكراء التي تركبها “اسرائيل” منذ حوالي 11 شهرا في قطاع غزة،
وهي جريمة اسفرت حتى الان عن استشهاد وجرح أكثر من 135 ألف فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت مئات الأطفال. فهذه الفظائع، لا تعتبر جريمة وفق القانون الامريكي، والنظام الامريكي المهيمن على العالم، الذي يعتبر عصارة افكار النخب، التي تحكم “زعيمة العالم الحر”!!.