قرار الحكومة في تغيير سعر الصرف..الى اين؟!
كتب / سراج الموسوي ||
تأثير قرار الحكومة في تغيير سعر الصرف قرار إعلامي غير مجدٍ وخسائر مليارية.
في إطار مواجهة التحديات الاقتصادية التي يعاني منها العراق اتخذت حكومة محمد شياع السوداني قرارًا بتغيير سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي ليصبح 131 ألف دينار لكل 100 دولار. هذا القرار جاء في سياق الترويج الإعلامي على أنه خطوة ضرورية لتحسين الوضع الاقتصادي وتهدئة السوق ولكن للأسف أثبتت النتائج أنه كان قرارًا غير مجدٍ اقتصاديًا وأدى إلى خسائر كبيرة دون تحقيق الفوائد المرجوة للمواطنين.
القرار وتأثيره الإعلامي
القرار بتخفيض سعر الصرف إلى 131 ألف دينار تم الترويج له على أنه حل سريع لتخفيف الضغوط الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي في العراقي بعد ازمة التظاهرات إلا أن التركيز الإعلامي على القرار كان بمثابة معالجة سطحية للأزمة دون النظر بعمق إلى تداعياته الاقتصادية على المدى البعيد في الواقع لم يتمكن هذا التغيير من معالجة القضايا الجوهرية التي تواجه الاقتصاد العراقي مثل تزايد أعداد الموظفين وضعف الإيرادات.
خسائر مالية كبيرة
أحد أبرز الآثار السلبية للقرار هو الخسائر المالية الكبيرة التي تكبدتها الدولة بتحديد سعر الصرف عند 131 ألف دينار لكل 100 دولار واجهت الحكومة مشكلة في بيع الدولار بسعر أقل مما هو عليه في السوق الموازي فبينما سعر الصرف في السوق الموازي وصل إلى 150 ألف دينار لكل 100 دولار بقيت الدولة تبيع الدولار بسعر أقل ما أدى إلى خسارة مليارات الدنانير التي كان من الممكن أن تُستخدم في سد العجز المالي وزيادة الإيرادات.
لو أخذنا على سبيل المثال موازنة العراق التي تبلغ حوالي 150 مليار دولار سنويًا فإن الفارق بين السعر الرسمي والسعر الموازي يؤدي إلى خسائر فادحة عند سعر صرف 131 ألف دينار تبلغ الإيرادات 196.5 تريليون دينار عراقي بينما عند سعر السوق الموازي 150 ألف دينار كانت الإيرادات ستصل إلى 225 تريليون دينار هذه الخسارة المقدرة بحوالي 28.5 تريليون دينار كانت كافية لتعويض الضرر في زيادة أعداد الموظفين وتحقيق استقرار مالي أفضل.
التأثير السلبي على الموظفين والإيرادات
القرار أثر أيضًا بشكل سلبي على القوة الشرائية التي يتقاضاها الموظفون واصحاب الدخل الخاص خصوصًا أصبحت أقل في الارتفاع الحاصل في الأسعار الناجم عن التضخم وزيادة تكلفة السلع المستوردة هذا التأثير السلبي على القوة الشرائية للموظفين أسهم في زيادة الضغوط المعيشية على المواطن العراقي العادي الذي لم يستفد شيئًا من هذا القرار بل تأثر بشكل سلبي رغم انه يشعر بنشوة الانتصار على أثر الحملة الاعلامية التي ساهمة في خفظ قيمة الدورار القرار الغير مجدي اقتصاديًا.
إلى جانب ذلك القرار لم يساهم في تحسين الإيرادات الحكومية على العكس الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازي أضرت بالخزينة العامة المصارف والجهات التي تتعامل بتبديل العملة استفادت من هذه الفجوة الكبيرة بينما خسرت الدولة مليارات الدنانير التي كان من الممكن استخدامها في تحسين الإيرادات وتلبية الاحتياجات المالية المتزايدة.
الفجوة في الميزانية التشغيلية
العراق يعاني من ضغط كبير في الميزانية التشغيلية نتيجة لتزايد أعداد الموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من الرعاية الاجتماعية وموارد الصرف الثابتة الأخرى كان بالإمكان استخدام الفائض المالي الناتج عن تثبيت سعر الصرف عند مستوى أعلى (مثل 150 ألف دينار أو حتى 200 ألف دينار لكل 100 دولار) لسد هذه الفجوة في الميزانية التشغيلية بهذا الشكل كان يمكن توفير موارد مالية إضافية لتغطية الرواتب وتحسين الخدمات العامة دون الحاجة إلى تخفيض سعر الصرف الرسمي.
أهمية إعادة النظر في السياسات المالية
قرار الحكومة بتغيير سعر الصرف إلى 131 ألف دينار لكل 100 دولار أثبت أنه قرار غير مدروس بشكل كافٍ خاصة في ظل الفجوة الكبيرة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازي هذه الفجوة لم تؤدِ إلى تحسين الوضع الاقتصادي بل أسهمت في تحقيق أرباح طائلة لبعض الجهات مثل بعض المصارف الاهلية وقطاع الاستفادة من تغيير العملة بينما خسر المواطن العراقي والحكومة بشكل مباشر.
من الضروري أن تعيد الحكومة النظر في سياساتها المالية خاصة فيما يتعلق بتثبيت سعر الصرف عند مستوى واقعي يتماشى مع السوق الموازي وذلك لتحقيق الاستفادة القصوى من العائدات النفطية وتوفير مصادر إخرى بديلة وتقليل الخسائر المالية كما يجب اتخاذ خطوات فعلية لضمان أن أي تغيير في سعر الصرف يخدم مصالح المواطن والدولة بشكل متساوٍ وليس فقط بعض الجهات التي تستفيد من الفجوات السعرية.