الكرة في ساحة القضاء
كتب / جواد العطار
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تقوم دعائم النظام البرلماني على الفصل المرن والتعاون بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، واي خلل في هذا الفصل او تداخل بين اي من السلطات الثلاث قد يؤدي الى هزة عنيفة في دعائم النظام واسسه.
فلا يعقل ان تتضارب صلاحيات السلطات او تتداخل لأنها مرسومة بشكل دقيق في الدستور ووفقا للقانون، كما لا يسمح الدستور لسلطة ان تعلو فوق الاخرى في اختصاصها او ان تفرض الوصاية عليها... وهذا ديدن النظم البرلمانية منذ اول نشئتها في بريطانيا قبل الف عام والى اليوم. والسؤال الذي يطرح نفسه: متى تتداخل السلطات وتتضارب في النظام البرلماني؟.
يذهب معظم اساتذة القانون العام الى ان المفهوم الصحيح لمبدأ فصل السلطات – كما تصوره مونتسكيو – هو الفصل المتوازن بين السلطات العامة الثلاث في الدولة، مع قيام قدر من التعاون فيما بينها، لتنفيذ وظائفها في توافق وانسجام، ووجود رقابة متبادلة بينها لضمان وقوف كل سلطة عند حدودها، دون أن تتجاوزها او تعتدي سلطة على اخرى... فمتى يحدث الخلل؟.
باختصار الخلل يحدث عندما تسود روح الانا عند الساسة اولا؛ وتغلب المصلحة الحزبية على العامة ثانيا؛ ويكون الصراع بديل التعاون بين السلطات ثالثا؛ وحينما يطغى التداخل في ادارة شؤون الدولة بين السلطات رابعا؛ او ان تأخذ سلطة اكبر من حجمها خامسا؛ او يترك خلل بسيط في احدى السلطات دون علاج سادسا؛.
وهذا بالضبط ما حدث ويحدث بالعراق، فرئيس اكبر سلطة تشريعية في البلاد (البرلمان) شاغرا منذ اقل من عام تقريبا، ورغم قرار المحكمة الاتحادية العليا بضرورة حسم الموضوع قبل أكثر من ثلاثة اشهر، الا ان الموضوع لم يحسم، في تجاهل واضح لقرارات القضاء العالي الحكم والفيصل في النظام البرلماني...
وتستمر التداعيات في الخلافات حول كل صغيرة وكبيرة داخل اروقة البرلمان والمشاريع المطروحة الى ان تصل من جدال بين اعضاء البرلمان الى صراع وحرب علنية بين هيئات اهمها ما جرى بين رئيس هيئة النزاهة وقاضي مكافحة الفساد، ليظهر الاول في مؤتمر صحفي من اربيل وليس في بغداد ليتهم الثاني قاضي الفساد بالفساد!!!. فاين وصلنا بالديمقراطية؟ واين الفصل بين السلطات؟.
ان ما بين النزاهة والفساد خيط رفيع وليس كما يتصور البعض انها متباعدة... فطرح الحقائق وكشف المستور بالوثائق عبر قنوات القضاء وليس في المؤتمرات هو الحل لأية خلافات بين مسؤولي الهيئات وليس بين الهيئات التي يفترض انها مستقلة... وليس احد بمنأى من الاتهام ما دام في موقع المسؤولية، والكرة في ساحة القضاء.