الحرب على لبنان | الإيكونوميست: إسرائيل في كابوس اقتصادي
كتب / ضياء الدين الهاشمي ||
أصبح السيناريو الكابوسي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي هو حرب شاملة مع جنوب لبنان، وبات ذلك هو مصدر قلق كبير لدى صناع السياسات الاقتصادية في إسرائيل.
ويقول تقرير لصحيفة إيكونوميست البريطانية، إنه كان من المفترض أن يتجه الاقتصاد الإسرائيلي نحو التعافي، إذ عاد العديد من العمال البالغ عددهم 300 ألف عامل الذين تركوا وظائفهم للقتال، إلى المكاتب والمصانع والمزارع، لكن بدلاً من ذلك، أصبح الوضع الصعب أكثر حدة من أي وقت مضى.
وتذكر صحيفة ذا ماركر الاقتصادية أنَّ نفقات الحرب الإسرائيلية على لبنان ستكلف ما بين 6 مليارات دولار و28 مليار دولار، وأنه ليس هناك رؤية واضحة بشأن طول أمد هذه الحرب.
السيناريو الكابوسي
تقول الصحيفة إن سيناريو الكابوس الإسرائيلي يتمثل في صراع قد يصل إلى القدس وتل أبيب، ويطال المراكز التجارية في البلاد، وقد تكون الحرب الأقل حدَّة شمال البلاد كافيةً لقلب الاقتصاد الإسرائيلي، في حين تتبع سياسة الحكومة تتبع سياسة الإنفاق الحر ولا تساعد على تحسين الأمور.
ويُتوقَّع الآن أن يصل العجز إلى 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كان متوقعا قبل الحرب، بينما المستثمرون غير متأكدين من قدرة إسرائيل على التعافي، إذ إن عملة الشيكل متقلبة، والبنوك الإسرائيلية تشهد هروب رؤوس الأموال، وتشير أكبر ثلاث بنوك إلى زيادة كبيرة في عدد العملاء الذين يطلبون تحويل مدخراتهم إلى بلدان أخرى أو ربطها بالدولار.
ورغم أن التضخم ما زال أعلى من الهدف، اختار البنك المركزي الإسرائيلي التمسك بسعر الفائدة السابق في اجتماع السياسة النقدية في أغسطس الماضي، خوفاً من عرقلة التعافي.
وضمن السيناريو الكابوسي أيضاً، يستعد عدد قليل من المستثمرين لحرب قد تجتاح إسرائيل بأكملها، بما في ذلك القدس أو تل أبيب، رغم أن حزب الله اللبناني قد يكون قادراً على شن مثل هذا الهجوم وفقاً للإيكونوميست.
وترى الصحيفة البريطانية أن هذا السيناريو سيؤدي إلى تضرر النمو الاقتصادي بشدة، وربما أصعب مما حدث بعد السابع من أكتوبر 2023، حيث سترتفع نفقات الجيش، ويُحتمل أن يؤدي هروب المستثمرين إلى الإطاحة بالبنوك الإسرائيلية ودفع الشيكل إلى الانخفاض، مما سيجبر بنك إسرائيل المركزي على التدخل وإنفاق احتياطياته، ومهما حدث فإن الاقتصاديين الإسرائيليين مستسلمون لتدهور الأمور.
فاتورة حرب باهظة تهدد تصنيف إسرائيل
في تقرير آخر لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية طالعه بقش، أكد اقتصاديون متخصصون في وكالتي “ستاندرد آند بورز” و”موديز” للتصنيف الائتماني، أن الحرب الشاملة مع جنوب لبنان يمكن أن تؤدي على الفور إلى مزيد من التخفيضات الإضافية في التصنيف الائتماني لإسرائيل، وهو أكثر ما يخشاه صانعو السياسات الاقتصادية الإسرائيليون.
أكد التقرير أن اقتصاديين التقوا مسؤولين إسرائيليين مؤخراً وأبدوا قلقهم الكبير حيال التصعيد مع جنوب لبنان، وكذلك الوضع الاقتصادي في إسرائيل، وقالوا إنه حتى بدون توسع القتال قد تخفض الوكالات تصنيف إسرائيل في شهر نوفمبر المقبل.
وفي المقابل قال مسؤولو إسرائيل إنهم سيقومون بتحركات كبيرة لخفض العجز ومحاولة تجنب زيادة كبيرة في الإنفاق، وخصوصاً في ميزانية الدفاع، وذلك تجنباً لإقدام وكالات التصنيف الائتماني على خفض التصنيف مرة أخرى في المستقبل القريب.
وفي وقت سابق من هذا العام، خفضت وكالة “موديز”، في فبراير، تصنيف إسرائيل لأول مرة على الإطلاق، وتم تحديده عند A2، وبعدها في أبريل، خفضت وكالة “ستاندرد آند بورز” تصنيف إسرائيل إلى مستوى A+، وفي أغسطس خفضت “فيتش” تصنيفها لإسرائيل من A+ إلى A .
ويقود خفض التصنيف الائتماني إلى ارتفاع كلفة ديون الحكومة الإسرائيلية والتضييق عليها في الحصول على تمويلات وقروض جديدة للاستمرار في شن حربها على غزة ولبنان، وفي لقاءات إسرائيلية مع اقتصاديي وكالتَي “ستاندرد آند بورز” و”موديز” عبَّر الاقتصاديون عن قلقهم بشأن الزيادة الكبيرة المتوقعة في ميزانية الحرب، إضافة إلى مخاوف رئيسية من انخفاض الاستثمارات في إسرائيل، وخصوصاً في قطاع التكنولوجيا الفائقة، وزيادة غسل الأموال من إسرائيل.
هذا وتقول صحيفة كالكاليست الاقتصادية، إنه لم يصل من المساعدات المالية الأمريكية إلا القليل، مشيرةً إلى أن تأخر المساعدات الأمريكية يأتي وسط اضطرار حكومة نتنياهو إلى زيادة النفقات مع مؤشرات ارتفاع معدل العجز في الموازنة إلى 7.3% من إجمالي الناتج المالي، بعكس تعهدات وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش بألا يتجاوز العجز 6.6%.