نصر الله ليس مجرد زعيم
كتب / سمير السعد ||
في كل مرة تشتعل فيها نيران الحرب أو يتفجر الصراع في الشرق الأوسط، يتجه الناس بقلوبهم إلى رجل واحد يراه الكثيرون رمزًا للصمود والمقاومة، حسن نصر الله. لكن كيف يمكن لنا أن نفكر في نعيك، يا سيد المقاومة، وأنت لا تزال في ميدان المعركة، تتحدى الأعداء وتبعث الأمل في قلوب محبيك؟
أن نكتب عن نعي حسن نصر الله هو أمر أشبه بمحاولة تأبين فكرة أو روح لا تموت. منذ أن تولى قيادة حزب الله في عام 1992، لم يكن نصر الله مجرد زعيم سياسي أو عسكري. لقد تحول إلى رمز للمقاومة والاستقلال. تمكن خلال سنوات قيادته من تشكيل نهج جديد في المقاومة، تلك التي لا تتعلق فقط بالمواجهة العسكرية، بل بالحفاظ على الهوية والقيم والمبادئ.
منذ بداية ظهوره على الساحة اللبنانية والإقليمية، لم يكن نصر الله مجرد خطيب، بل رجل يحمل رؤيا استراتيجية تترجم عملياً على الأرض. قاد العمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، واستطاع تحقيق انتصارات ملموسة، أبرزها انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 دون قيد أو شرط. ومن ثم، جاءت حرب 2006 التي شكلت علامة فارقة في تاريخ المقاومة.
نصر الله لم يكن يقاتل بسلاحه فقط، بل أيضًا بكلماته التي كانت تخترق القلوب وتلهم الشعوب. كلماته كانت تأتي في وقتها تمامًا، لترفع المعنويات وتوحد الصفوف. خطبه كانت درسًا في الصبر، التحدي، والإصرار على العدل.
الحديث عن نصر الله لا يمكن أن يقتصر على لبنان وحده، فصدى خطبه وصل إلى ما هو أبعد من ذلك. أصبح رمزًا للمقاومة ضد الهيمنة الغربية في المنطقة، ولطالما أثرت سياساته ومواقفه على مجريات الأمور في الشرق الأوسط.
ما يجعل نصر الله مميزًا هو قدرته على التأقلم مع المتغيرات، سواء كانت على المستوى العسكري أو السياسي. لم يكن يومًا مجرد قائد ينظر للأمور من منظار ضيق، بل دائمًا ما كان يضع مصلحة الأمة فوق كل اعتبار.
“نعي حسن نصر الله، لو كان حقيقياً، ليس بنهاية رجل أو قائد، بل هو نعي لعصر من المقاومة المستمرة. نعي فكرة أن الأمة العربية يمكن أن تقف على قدميها، تصمد وتنتصر. نعيه سيكون اعترافًا بأننا فقدنا رمزًا لن يتكرر.”
ولكن الأمل يبقى، ففي مقاومته وشخصيته تكمن روح الجماهير التي لن تموت. ربما، نعيك يا نصر الله، سيكون في يوم ما، نعيًا لانتصار كبير، يتحقق فيه حلم الحرية والكرامة للشعوب التي وقفت خلفك.
حسن نصر الله لن يكون مجرد صفحة في التاريخ. هو فصل مستمر من فصول المقاومة التي لم تنتهِ بعد، وسيبقى الحاضر والمستقبل يتحدثان عن “سيد المقاومة”.
“في النهاية، لا يمكن أن يكون نعي حسن نصر الله مجرد كلمات تقال أو كلمات تُكتب. إنه رمز يتجاوز الزمان والمكان، قائد يظل حضوره ملموسًا في قلوب الملايين الذين يؤمنون بالمقاومة وبأن العدالة لا تُمنح، بل تُنتزع.
قد يأتي اليوم الذي يتوقف فيه جسده عن النبض، لكن فكره وصوته سيبقيان أبدًا، كصرخة في وجه الظلم وإلهام لكل من يرفض الاستسلام. نصر الله ليس مجرد زعيم، بل هو فكرة خالدة، ونعيه سيكون نعيًا لمقاومة لم ولن تموت.”
انا لله وانا اليه راجعون