كل مصانع السلاح الامريكي لن تمنح اسرائيل الامان!
كتب / اسيا العتروس
باعلانها أنها ستنقل منظومة “ثاد” الدفاعية الجوية الى تل ابيب و أن قوات أمريكية ستتولى استخدامها تكون ادارة بايدن قررت رسميا في نهاية عهدتها الرئاسية أن تكون طرفا في حرب الابادة المفتوحة على غزة و لبنان ..طبعا ليست المرة الاولى التي تعلن فيها واشنطن تعزيز قدرات الاحتلال و ضمن استمرار تفوقه على دول المنطقة في ظل استمرار الحرب المسعورة التي امتدت بعد عام من الابادة في غزة الى لبنان .. و لكن الاعلان الامريكي الغارق في الانحياز الاعمى للجلاد كعادته يصر على امتهان الغباء السياسي و يشجع نتنياهو على مواصلة مجزرة العصر متوها و ان خطابه الارعن للشعب اللبناني لخروج ضد حزب الله و قبل ذلك دعوته الوقحة للشعب الايراني للاطاحة بالنظام الايراني يمكن ان تمنحه ما يريد متناسيا ان جرائمه سبقته و أن التاريخ يعلمنا أن المحن تجمع الشعوب و لا تفرقها و تجعلها اكثر وعيا بمخططات التدمير و ان دروس العراق لا تزال عالقة في الاذهان..
أهمية الاعلان الامريكي أنه يأتي قبل نحو ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الامريكية و لكن بعد ساعات على الضربة غير المسبوقة لحزب الله على ثكنة عسكرية للاحتلال اسفت عن مقتل و اصابة عدد من قواته …و فيما يستمر التعتيم حول حقيقة خسائر الكيان أكدت الادارة الامريكية أن تعزيز الدفاعات الجوية الاسرائيلية يأتي للمساعدة في اعتراض التهديدات المحتملة من الصواريخ البالستية الايرانية.
نترك تعريف دور وقوة منظومة الدفاع الجوي “ثاد للخبراء والاخصائيين للحديث عن قوتها باعتبار أنها منظومة دفاعية صاروخية متقدمة مصممة لاعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية خلال المرحلة النهائية من تحليقها.. وتقوم هذه التقنية بتدمير الصواريخ المهاجمة عبر الاصطدام بها بسرعة عالية، مما يؤدي إلى تفجيرها في الهواء قبل وصولها إلى هدفها.
وهي توفر الحماية لمساحات كبيرة من خلال اعتراض الصواريخ القادمة من مسافات بعيدة.
تعتبر “ثاد” جزءاً مهماً من الدفاع الصاروخي الأمريكي وتستخدمها دول أخرى مثل كوريا الجنوبية واليابان لمواجهة التهديدات الصاروخية…
ما حدث مساء اول امس الاحد عندما تمكّن حزب الله من إرسال مسيرةٍ من طراز (صيّاد107) إلى قاعدةٍ عسكريّةٍ تابعةٍ لوحدة النخبة (غولاني) في مستوطنة بنيامينا، جنوب مدينة حيفا، والذي تفجّر في المكان الذي كان فيه الجنود يتناولون طعام العشاء، ما أدّى لمقتل أربعة جنودٍ على الاقل وإصابة نحو سبعين أخرين بجراحٍ متفاوتةٍ حسب الاعلام العبري يحمل في طياته رسالة مهمة أولها أن كل مقاومة ضد الاحتلال محكومة بمواصلة ما تأسست لأجله و ان المقاومة المشروعة للشعوب ضد غطرسة الاحتلال لا تموت بموت القائد او الزعيم و قد كان نصرالله قائد و زعيم لا يقبل بالذل و المهانة و كان يقول أنه أسس لجيل أكثر شراسة و التحاما بالقضية التي التزم بها و ما حدث في الساعات القليلة الماضية يؤكد صدقه , و فيها ايضا رسالة للاحتلال كما للحليف الامريكي بأن الحزب رغم تفجيرات البيجر و اختراق صفوفه و اغتيال قائده حسن نصرالله لم يندثر وهو يعيد تجميع صفوفه و مواصلة المعركة التي يخوضها ضد الكيان و الامر ذاته ينسحب على المقاومة في غزة التي لم تنفع كل وسائل الخراب و الدمار و كل الاسلحة المحرمة دوليا و كل القنابل الحارقة و الذخيرة القادمة من مصانع الغرب وكل محاولات التجويع و الحصار و حرق الاحياء في المخيمات في اجتثاثها و اقتلاعها من المشهد و هي تواصل بما لديها من امكانيات مواجهة جيش الاحتلال و هو رابع اقوى جيش في المنطقة …
صحيح أن هذا الكيان تسبب جبال من لأشلاء و انهار من الدم و اصاب غزة و اهلها و الضفة بجروح عميقة ستحتاج عقودا طويلة حتى تندمل لو كتب للحرب ان تتوقف الساعة …و لكنه لا يزال مع ذلك عاجز عن تحقيق اهدافه في استعادة من بقي من الرهائن و دحر المقاومة .
وهذا الكيان يراهن حاليا على تأليب أهالي غزة ضد حماس و يدفع بهم الى الانقسام والفتنة باتهام المقاومة بأنها وراء كل ما يحدث في غزة بسبب طوفان الاقصى وهو ما يسعى لترويجه نتنياهو حلفاءه في الغرب و حتى بين العرب ممن ينسون م كانت عليه غزة قبل السابع من اكتوبر من احتلال و حصار و تجويع … سيكون حري بالفلسطينيين بعد انتهاء الحرب و رفع المعاناة أن يبحثوا حول ما حدث قبل و بعد السابع من اكتوبر ويعيدوا توحيد الصفوف وازالة ألغام الانقسام هذا الوباء الذي استثمر فيه الاحتلال كل ثغرة ممكنة فيه ليحتل الارض و يدوس على ارض و يدنس المقدسات و يرتكب محرقة القرن ..
نعم لقد تلقى الاحتلال صفعة غير مسبوقة باستهداف معسكر غولاني وهو يحقق في الحادث، لتحديد كيف تمكّنت المسيرّة من اختراق جميع أجهزة الرادار في الكيان والتغلّب على الطائرات التي لاحقتها والوصول إلى هدفها…
مما لا شكّ فيه أنّ المسيرّة أصابت هدفها وسببت لنا أضرارًا بالغةً، و قد تمكّن حزب الله من اختراق الرادارات الإسرائيليّة والتشويش على الدفاعات الأرضيّة والجويّة للجيش الإسرائيليّ، و بعيدا عن الانسياق وراء التفاؤل المفرط و الاعتقاد بأن هزيمة و نهاية الاحتلال وشيكة و بعيدا عن الاعتقاد الساذج بأن وصول ترامب او هاريس الى البيت الابيض سيغير المشهد الراهن فان الحقيقة الوحيدة التي لا تقبل التشكيك و الانكار أن همهما تعززت قدرات اسرائيل العسكرية الدفاية و مهما احاطت نفسها بجدران عازلة و مهما حاصرت الفلسطينيين و استهدفتهم في حياتهم فلن تهنأ بالسلام و الامان و الاستقرار ولا يمكن للكيان الاسرائيلي أن يسرق الارض و يدنس العرض و يعيش في امان واستقرار …
والاكيد أن الجيل الذي خبر اهوال حرب الابادة الجماعية المستمرة في غزة و معهم ابناء الضفة و الاف الاسرى في سجون الاحتلال و ان الاطفال الذين رأوا بيوتهم تهدم على رؤوس اصحابها و شاهدوا أشلاء اخوتهم و ابائهم و تحملوا ما لم يتحمله شعب في التاريخ الحديث و هم يجمعون الاشلاء في الاكياس البلاستيكية و يسيرون واكفانهم على ظهورهم لن ينسوا و لن يسامحوا و سيعودون بعد عقد أو أقل أو اكثر رغم أيديهم و ارجلهم المبتورة لينتقموا لهم بما يتوفر لديهم من سلاح و سيعمدون الى اطنان الركام في كل مكان في غزة لصنع اسلحة لا تخطر على بال طغاة الاحتلال وقد تكون اشد وقعا و الما مما يمكن تصوره … ومهما كان الثمن الذي يدفعه الفلسطينيون اليوم و هم الذين يبحثون لهم عن مكان امن لا يجدونه و يطلبون رغيفا او شربة ماء فلا يحصلون عليها فانهم سيعودون ليطلوا من كل مكان و من حيث لا احد يتوقع لاستهداف الاحتلال في عقر داره ..قد يكون طفلا من أطفال حيفا أو يافا أو لقدس او الخليل أو جنين أو طولكرم أو غزة أو جباليا سيعود ليذكر الاحتلال أنه مهما اغدقت عليه واشنطن و دول الحلف الاطلسي من الاسلحة الفتاكة و الصواريخ و مهما تكرر سيناريو هيروشيما و ناكازاكي و فيتنام و غيرها من السيناريوهات لا يمكن لهذا الكيان ان ينعم بالسلام و سيتعين على من يمنحونه الحصانة و يسلحونه لمواصلة المجازر وقتل الابرياء و الفتك بهم و دفع كل المنطقة ال دمار غير مسبوق أن يقبلوا هذه الحقيقة و انه لا مجال لسلام مجاني الى ما لا نهاية …