فجيعة الشوك والقرنفل
كتب/ عبد الهادي مهودر …
مشهد يحيى السنوار وهو يجود بنفسه وحيداً من أعظم مشاهد البطولة التي رأيتها كفرد من أفراد هذا العالم بملياراته الثمانية التي شاهدَت النهاية المدوية لهذا البطل الأسطوري الكبير ، لقد أزاح هذا المشهد من ذاكرتنا الممتلئة القصص التاريخية التي قد تكون مضخّمة ومزيّفة لفرسان ومحاربين لم نشاهد بطولاتهم ، لكننا هذه المرة شاهدناها رؤيا العين، رجل من هذا الزمان توثّق كاميرا عدوه لحظته الصادقة ومفاجأته العجيبة ، فالمطلوب رقم واحد الذي يبحثون عنه بالأقمار الصناعية كان فوق الأرض وفي خط المواجهة الأول مشتبك في المعركة وليس في الأنفاق يحتجز الرهائن ، وقوة مشهده الأخير جالساً مثخناً بالجراح يقاوم بيد واحدة طائرة تصوير مسيّرة ويرمي عليها رميته الأخيرة كانت بحجم جرأة هذا الرجل الذي طلب الشهادة وجاءته الى مقعده الأخير ، وكانت حلمه وأمنيته الصادقة على عتبة الستين خشية أن يموت بجلطة قلبية او حادث سيارة او على الفراش ، ميتة الجبناء التي لاتليق بالفرسان، قال بالصوت والصورة أن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا وقد حفظتُ عن الإمام علي قوله "أي يومَي من الموت أفر ، يومَ لايُقدَر أم يومَ قُدِر ، يوم ما قدّر لا أرهبه وإذا قدّر لاينجي الحذِر".
وما سر شجاعة هذا الرجل وأمثاله إلا بإيمانهم الصادق بالله وتصديقهم المطلق بوعده للقلة الصابرة ، الذين قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، وبشهادة كل العالم كنت مقاتلاً شريفاً شجاعاً حتى النفس الأخير ووحيداً في طريق الشوك والقرنفل ومشهدك الأخير أوجز لنا قصة الفجيعة ، لكنه عظيم وجميل بمعاني الشرف والبطولة ومارأيتُ إلا جميلا.