الجبهة الإعلامية..معركة الوعي والهيمنة..!
كتب / علي جاسب الموسوي
📜على الجانب الآخر، تدرك إسرائيل أن الحرب الإعلامية ليست أقل أهمية من المواجهة العسكرية، ففي هذه المعركة تسعى إسرائيل إلى صياغة رواية تُظهر نفسها كدولة ضحية تدافع عن وجودها، بينما تُشوِّه صورة المقاومة وتُقدِّمها على أنها “إرهابية” وقد استغلت إسرائيل منصات الإعلام العالمية والفضاءات الرقمية لتحقيق هذا الهدف، مستفيدة من سيطرتها على العديد من المؤسسات الإعلامية العالمية التي تنقل روايتها بشكل أحادي.
ولكن هنا يكمن التحدي الكبير، فالمقاومة نجحت أيضاً في بناء أدواتها الإعلامية الخاصة، والتي باتت تُشكِّل منصة مهمة في مواجهة الأكاذيب الإسرائيلية الإعلام المقاوم لا يقتصر فقط على نقل الأخبار، بل يسعى إلى تشكيل الوعي العام، سواء على مستوى الجمهور العربي أو الدولي، من خلال كشف حقيقة الاحتلال وانتهاكاته، وفضح الجرائم التي يرتكبها بحق فلسطين ولبنان.
المعركة الإعلامية التي تخوضها المقاومة ليست مجرد رد فعل على الهجمات الإسرائيلية، بل هي جزء من مشروع مقاوم متكامل يهدف إلى تعزيز حالة الصمود في الوجدان الشعبي، وتحصين العقول ضد محاولات التضليل الإعلامي الذي تمارسه آلة الإعلام الصهيونية. هذه الحرب تستهدف كسب عقول وقلوب الشعوب، لأنها تدرك أن الوعي هو سلاح قوي في حد ذاته، وأن الانتصار الإعلامي يمكن أن يقود إلى انتصار سياسي ومعنوي قد يفوق الانتصار العسكري.
📜الإعلام كأداة للمقاومة والمواجهة النفسية
إلى جانب ذلك، تلعب المقاومة دورًا كبيرًا في إدارة الحرب النفسية، إذ تحرص على بث رسائل الثبات واليقين عبر قنواتها الإعلامية، مستخدمة اللغة الواثقة والخطاب الصادق المبني على الحقائق. كما أن الإعلام المقاوم لا يكتفي بتقديم الرواية العربية الإسلامية للصراع، بل يسعى إلى التواصل مع الرأي العام العالمي بلغات مختلفة، مستفيدًا من الفضاء الإلكتروني لنقل الحقيقة دون قيود.
ومن هنا، يمكن القول إن المقاومة استطاعت عبر وسائلها الإعلامية أن تزرع الشك في السردية الإسرائيلية، وأن تُظهر للعالم وجه الاحتلال القمعي. فالانتصار في المعركة الإعلامية لا يقل أهمية عن الانتصار في الميدان، بل يُعدّ شرطًا أساسيًا لتحقيق النصر النهائي.
📜الخلاصة: تكامل الجبهات واستراتيجية الصمود
في النهاية، نرى أن القتال على الجبهتين العسكرية والإعلامية هو جزء من استراتيجية متكاملة للمقاومة الإسلامية في لبنان. هذه الاستراتيجية تقوم على مفهوم “الصمود المتعدد الأبعاد”، الذي يتجاوز مجرد المواجهة العسكرية ليشمل حرب العقول والوعي. فالانتصار في هذه المعركة المزدوجة يتطلب تكاملاً بين القوة العسكرية والبراعة الإعلامية، حيث أن إحداث الهزيمة في ساحة المعركة يتطلب أولاً كسر الهيمنة الإعلامية التي يسعى العدو لفرضها.
إن مشروع المقاومة لن يتوقف عند حدود الانتصارات العسكرية، بل هو مشروع تحرير كامل يتطلب من شعوب الأمة أن تكون شريكة في هذه المعركة. فكل كلمة مقاومة تُبث عبر الإعلام، وكل صاروخ ينطلق في الميدان، هما وجهان لعملة واحدة: عملة العزة والتحرر.