العراق وضرورات السيادة الوطنية..!
كتب / علي جاسب الموسوي ..
وقف تصدير النفط المدعوم للأردن وإلغاء مشروع أنبوب البصرة-العقبة
يشهد العراق في الوقت الحالي تحدياتٍ اقتصادية وسياسيةٍ حادة، تستوجب قراءة متأنية للسياسات الاقتصادية الخارجية، لا سيما تلك التي تؤثر على مصادر البلاد وثرواتها…
لقد أصبح من الضروري إعادة النظر في العديد من الاتفاقيات التي قد تمسّ بالسيادة الوطنية وتستنزف موارد الشعب، وعلى رأسها اتفاقية تصدير النفط المدعوم للأردن، ومشروع أنبوب النفط البصرة-العقبة، الذي يبدو أنه بات واجهةً لتسخير مصالح العراق لمصلحة دول أخرى غير مبالية باستقرارنا وأمننا.
دعمٌ لا يخدم إلا الخيانة:
إن اتفاقية النفط المدعوم للأردن هي مثالٌ واضحٌ على نوع الاتفاقيات التي تستنزف خيرات العراق دون تحقيق منافع متبادلة، بل تُستخدم لمصلحة دولة مُطبّعة مع الكيان الصهيوني، تدور حولها العديد من الشبهات في علاقتها بالمخططات الدولية ضد المنطقة. فهل يعقل أن يستمر العراق في دعم اقتصاد دولة تتخذ موقفًا يضر بمصالحه العليا ولا تأبه بالحقوق الفلسطينية؟
أليس من الأجدى استثمار تلك الموارد في قطاعات داخلية تساهم في توفير فرص العمل للمواطنين العراقيين؟
حسابات الاقتصاد والسيادة:
لطالما كانت مصلحة العراق فوق كل الاعتبارات، ويجب على الحكومة العراقية أن تأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية التي يعيشها المواطن العراقي، في ظل ما يواجهه من نقص في الخدمات الأساسية وارتفاع في نسب البطالة… إن إعطاء الأردن النفط بسعر مدعوم، دون حصول العراق على مقابل ملموس أو حتى ميزة استراتيجية واضحة، هو ترف لا يمكن للعراق تحمله، خاصةً في ظل الضغوط الاقتصادية الراهنة.
إن الاتفاقيات الاقتصادية، سواء كانت مع الأردن أو غيره، يجب أن تقوم على أساس الندية والمصالح المشتركة…
وإذا كان هناك من يسعى لاستغلال العراق أو استنزاف موارده دون مقابل، فعلى العراق أن يقف موقف الحازم المدافع عن مصلحته، لا المساير الخانع.
مشروع أنبوب البصرة-العقبة: لصالح من يكون؟
يمثل مشروع أنبوب النفط البصرة-العقبة إحدى القضايا الجدلية التي تثير التساؤلات حول من المستفيد الحقيقي من هذا المشروع، إذ إن هذا الأنبوب يبدو وكأنه جزء من مخطط أوسع يهدف إلى ربط العراق بدول لا تحمل له الود خصوصا اسرائيل، وتسعى لاستغلاله وتطويعه في خدمة أجندات إقليمية ودولية… لا يمكن للعراق أن يسمح بأن يكون أداةً لتحقيق مصالح تلك الدول على حساب مصلحته الوطنية.
إن دول العالم المتقدم لا ترضى بأن تتدخل دول أخرى في سياساتها النفطية والاقتصادية. فلماذا يُفرض على العراق التنازل عن سيادته وموارده مقابل وعود خادعة أو مكتسبات تافهة؟ أليس من الأجدى بالعراق الاستثمار في مشاريعه الداخلية، وتعزيز بناه التحتية في مجال الطاقة والزراعة والصناعة والصحة ، عوضًا عن الدخول في شراكات مشبوهة؟
النداء للعقلاء والحكماء:
إن العراق بلدٌ له تاريخٌ عريق وموارد ضخمة، ويستحق أن يُدار بشفافية وحكمة تضمن استقرار الشعب وتوفر مستقبلًا زاهرًا للأجيال القادمة… لا يمكن أن يُسمح لجهاتٍ أو دولٍ أخرى بالتدخل في شؤونه الداخلية أو استغلال موارده لتحقيق مكاسب على حساب معاناة العراقيين… إن واجب الحكومة العراقية هو الوقوف بحزمٍ ضد أي اتفاقيات تمس بالسيادة الوطنية وتستنزف موارد الشعب العراقي.
ختاما آن الأوان لاتخاذ موقف حازم وصارم تجاه الاتفاقيات غير المتكافئة… إن السيادة الاقتصادية هي ركنٌ أساسي من أركان الاستقلال الوطني، ويجب على الحكومة العراقية إنهاء دعمها النفطي للأردن الذي يكون ريعه للكيان الغاصب ، ووقف مشروع أنبوب البصرة-العقبة. وختامًا، يبقى نداء الشعب العراقي هو المطالبة بسياساتٍ تخدم العراق وأبنائه، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والأجندات التي تهدف للنيل من استقراره وسيادته.