تل أبيب مقابل بيروت معادلة النار بالنار
كتب / سماح خليفة
في الوقت الذي تترقب فيه الأوساط الدبلوماسية نتائج زيارة المبعوث الأميركي (عاموس هوكشتاين)، إلى لبنان وإسرائيل، اليوم الثلاثاء 19 نوفمبر، لبحث مقترح وقف إطلاق النار، يتواصل القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل، فقد عملت المقاومة في لبنان على توجيه دفة الحرب مع عدوتها إسرائيل وفق معادلة “العين بالعين والسن بالسن”، “العمق بالعمق والعاصمة بالعاصمة ومحطات الكهرباء وخزانات النفط والمطار والمرافئ بمثيلاتها”، بالتالي إن “النار بالنار” كلما تضاعفت وتيرة الطرف الأول وتنوعت سيكون ما يقابلها لدى الطرف الثاني.
حاولت المقاومة أن تمنع العدو الإسرائيلي من استهداف العاصمة بيروت، ولذلك أرجأت استهداف عمق تل أبيب وشوارعها التجارية والسكنية؛ للحفاظ على أمن العاصمة، على الرغم من المجازر التي ترتكب في الجنوب والضاحية والبقاع، واكتفت مقابل ضرب البقاع بضرب الجولان طبريا صفد، وضرب الجنوب بضرب مستوطنات شمال فلسطين، وامتنعت عن استهداف محطات الكهرباء وخزانات النفط والمطار والمرافئ، لكن إسرائيل التي لا يردع تمردها وغطرستها شيء أبت إلا أن تضرب بيروت بالتزامن مع زيارة المبعوث الأمريكي إليها كرد على موقف المقاومة الذي لم يعجب الاحتلال.
ما زال الاحتلال الإسرائيلي يعتقد أو يوهم نفسه بالقضاء على قدرات المقاومة، وعجزها عن إصابة عمق تل أبيب، وأن قبته الحديدية ومقلاع داود وغيرها من الدفاعات الجوية قادرة على منع وصول صواريخ المقاومة إلى عمق العاصمة، حتى برهنت المقاومة خطأ اعتقادهم عندما فعّلت المعادلة في عمق تل أبيب ردًّا على الغارة الإسرائيلية التي أدت إلى استشهاد 5 لبنانيين وجرح ما يقارب 31 آخرين في زقاق البلاط في بيروت الإدارية، فقامت المقاومة إثر ذلك باستهداف مبان تجارية مشعلة الحرائق في أحياء تل أبيب؛ ليدب الرعب بين سكانها بسبب فشل اعتراض الصواريخ.
إن زيادة الضغوط على المقاومة، من أجل القبول بشروط العدو الإسرائيلي فيما يتعلق بفرض السيطرة الكاملة على لبنان؛ لتحقيق النصر المطلق، على غرار ما سعى إليه نتنياهو في غزة وفشل حتى الآن، لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد من قبل المقاومة تحت المبدأ الذي تصر عليه، وهي التي لا تعرف الهزيمة أو الخنوع، وهو النار بالنار. هذا فضلا عما أشار إليه نتنياهو على منبره في الكنيست الإسرائيلي أمس عندما استخدم مصطلح “إزالة” حزب الله، بإبعاده إلى ما وراء نهر الليطاني لوقف إطلاق النار، معتبرا أن الأهم من الاتفاقيات المكتوبة هو ضمان الأمن من خلال “تحركات ميدانية منهجية”، في إشارة إلى ضمان إسرائيل الاحتفاظ لنفسها بحرية العمل العسكري في لبنا،. وما ذلك إلا بنية نتنياهو لتعقيد الأمور تماما كما كان يفعل في غزة كلما وافقت المقاومة على شروط عرقل ذلك بإضافة مزيدا من الشروط، وصعّد عمليات القصف والإبادة على أرض الواقع.
إن قدرة المقاومة على الوصول إلى منطقة بني براك ورامات غان في عنق تل أبيب إنما يشير إلى أن المقاومة ما زالت تحتفظ بقوة صاروخية كبيرة على عكس ما يدعي نتنياهو، بأن العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان أسفرت عن تدمير ما يصل إلى 80% من منظومة الصواريخ التابعة لحزب الله، في إطار التصعيد الإسرائيلي المتواصل على لبنان منذ17 سبتمبر الماضي، كذلك فإن الضربات التي وجهها العدو إلى المقاومة لم تضعفه، والدليل قدرته على الوصول إلى مناطق حساسة جدًا، وهذا يشي باحتفاظ المقاومة بأوراقها القادرة على توجيه مسار المفاوضات، وأن مرحلة الاشتباكات لم تنتقل فقط إلى خط ثانٍ من العمليات العسكرية إنما احتفظت باشتباكاتها في الخط الأول في منطقتها الجغرافية وهذا دلالة على تيقظ المقاومة وجاهزيتها التكتيكية في مراحل الحرب جميعها، ومن هذا المنطلق سيستمر الطرفان في مفاوضاتهما بالنار إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق تسوية بينهما.