القانون الدولي تحت أقدام أمريكا وإسرائيل!
كتب / الدكتور خيام الزعبي
وأخيرا فعلتها المحكمة الجنائية الدولية وقبلت طلب المدعي العام كريم خان، بإصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو، ووزير الحرب السابق، غالانت، وذلك على خلفية مسؤوليتهم عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها الجيش الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة ولبنان.
لم تترك إسرائيل بنداً في القانون الدولي إلا انتهكته، منذ اندلاع الحرب على غزة ولبنان، ومن هنا كان التركيز في المذكرتين على اتهام نتنياهو وغالانت، بارتكاب جرائم حرب ترقى إلى الإبادة الجماعية، بينها تجويع شعب بكامله ومنعه من حقه في الوصول إلى مقومات حياته.
بالمقابل وصف نتنياهو إصدار مذكرة اعتقاله بأنه “سخيف وكاذب.. وتشويه للواقع”، واتهم المحكمة بأنها تتألف من “قضاة متحيزين الذين يدفعهم كرههم لإسرائيل”، وتبع نتنياهو في مثل هذه التوصيفات الرئيس الأمريكي ترامب، الذين هب للدفاع عن ما اعتبره “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” ضد من يسعون لإزالتها عن وجه الأرض، بالتالي اعتبر مشرعين أمريكيين أن مذكرات الاعتقال “غير شرعية ولا تستند إلى سند قانوني”، بل إنها ربما تشير إلى “اكتساب المحكمة سلطة غير مسبوقة قد تؤدي مستقبلا إلى إصدار قرارات مثيلة بشأن سياسيين وعسكريين أمريكيين.
وعلى خط مواز، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار لمجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة، بحجة أنه لا يربط بشكل كاف وقف إطلاق النار بالإفراج الفوري عن الرهائن في القطاع.
ولم تكتفِ إدارة بايدن بخذلان القانون الدولي في مجلس الأمن، بل إنها أيضا عمدت إلى انتهاك وخذلان القانون الأميركي عندما صوّت الكونغرس ضد مشروع قانون يحظر تصدير السلاح إلى إسرائيل، جراء انتهاكها القانون الأميركي، الذي يمنع تقديم العون والسلاح إلى مَن يخالف القانون الدولي وينتهك حقوق الإنسان.
في سياق متصل تظل الإدانات والقرارات بحق الإسرائيليين عديمة الجدوى مادامت واشنطن مصرة على تسيّد إسرائيل وإنقاذ مشروعها، وإعلان إبادة الفلسطينيين والتبشير بالدولة اليهودية على كل فلسطين، واعتبار سياسة الهدم والتفكيك والإبادة والاغتيال سياسة رسمية مشروعة ما دامت المقاومة الفلسطينية قائمة.
من هنا يتضح أن كل حكومات الكيان تعتبر حجر الرحى التي تتكئ عليه في تجاوزها القوانين الدولية، هو الموقف الأميركي إما بالفيتو أو بالامتناع عن التصويت ضد «إسرائيل» في أي ظرف من الظروف.
لكن صدمة تل أبيب كانت من مواقف دول العالم، فقد أعلنت أكثر من 120 دولة موقّعة ومصادقة على ميثاق روما بشأن المحكمة الجنائية الدولية بالتزامها بالقانون الدولي وقرار المحكمة.
وكانت أول نتيجة لذلك إبطال زيارة مقررة لوزير الخارجية الهولندي إلى إسرائيل، والذي كان أول شخصية أوروبية ترحّب بقرار المحكمة وتعلن التزامها بتنفيذه.
بالتالي سيتعين على نتنياهو وغالانت التفكير جيداً قبل أن يقررا السفر إلى الخارج، خشية تعرضهما للاعتقال، وهذا يعني أنهما سيكونان ملاحقان دوليا مما سيحد من تحركهما وسفرهما دولياً.
وبالتالي إن إصدار مذكرات التوقيف يفتح الباب واسعا أمام ملاحقة قضائية لكل المشاركين في جرائم الحرب الموصوفة، فالقرار هو بداية مرحلة نهاية إفلات إسرائيل من العقاب.
مجملاً…على الرغم من حجم الفظائع التي أحدثتها آلة الحرب الإسرائيلية في غزة، إلا أن هذه الحرب ومهما كانت نتائجها الميدانية، فإنها لا تمثل نصراً إستراتيجياً لإسرائيل بأي معنى من المعاني فهي لن توفر لها الأمن، ولن تجلب لها السلام، بل أضرت كثيراً بسمعتها على الصعيد العالمي باعتبارها دولة مارقة لا تحترم الشرعية الدولية وأوغلت قتلاً في النساء والأطفال في إنتهاك صارخ لأبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني.
وأختم بالقول، إن المحكمة الدولية كانت مخطئة حين أصدرت أوامر اعتقال بحق نتنياهو، ووزير دفاعه الأسبق، إذ كان عليها أن تصدر أوامر اعتقال بحق رأس الأفعى بايدن الذي شجعهم على جرائمهم وأعطاهم الضوء الأخضر لقتل الفلسطينيين واللبنانيين، وتدمير قطاع غزة ولبنان.