تفرقهم السياسة نظريا ويوحدهم الفساد عمليا
كتب / د. إبراهيم ابراش
كتبنا وسنواصل الكتابة حول الاحتلال وممارساته الإرهابية وعن النظام الدولي والشرعية الدولية وحول التقصير العربي في نصرة الشعب الفلسطيني كما كتبنا مطولا حول النظام السياسي الفلسطيني وما يعتريه من خلل، وحول الوضع الداخلي كانت غالبية الجدل والنقاش ينصب على الانقسام السياسي والخلاف بين حركتي فتح وحماس وتحميلهم مسؤولية تردي الوضع الداخلي.
ولكن هذه المقاربة حتى على هذا المستوى ناقصة وهناك من يعززها ويروج لها حتى يُبعد الأنظار عن مسؤولين آخرين لا يقلون خطراً على شعبنا وقضيتنا من الأحزاب ومن الانقسام.
إنها طبقة تشتغل بصمت بعيداً عن الأضواء والإعلام تتشكل من تحالف سياسيين فاسدين مع رجال مال واقتصاد مشاركين مع نظرائهم الإسرائيليين شراكة مباشرة أو غير مباشرة ومن كبار مسؤولين في مؤسسات تدعي؛ إنها مؤسسات مجتمع مدني حتى تبعد عن نفسها المحاسبة.
هذه الطبقة الفاسدة تمارس عملية نهب وسرقة لأموال الشعب ومقدراته من خلال امتلاكها وتحكمها المالي بالشركات الوطنية الكبرى والتجارة وأموال الدعم الخارجي دون أن يكون لها أي دور وطني لا في وقت السلم ولا وقت الحرب وقد بانوا على حقيقتهم خلال الحرب الحالية حيث لا نسمع لهم صوتاً ولا نرى لهم إسهاماً في إطعام جياع غزة وعلاج المرضى ولا حتى في مساعدة المنكوبين في مخيمات شمال الضفة، والعلاقة بين هذه الطبقة الرأسمالية والإسرائيليين قوية تؤهلها لإدخال مساعدات لو أرادت ذلك.
نعم يجب مواصلة انتقاد وفضح الممارسات العدوانية للاحتلال وانتقاد الأحزاب والانقسام ولكن يجب أيضا فضح هذه الطبقة من تجار الدم، زمن الثورة والسلطة والانتفاضة ثم المقاومة والحصار وتجار الأنفاق ،وأخيرا تجار الحرب الأخيرة في الضفة وقطاع غزة ممن يسرقون المساعدات الدولية التي تدخل لغزة ويتاجرون بها وأصحاب مكاتب الصرافة الذين يتقاضون ما يفوق 30% على كل تحويلة ومعاملة مالية أيضا من يفتحون حسابات لمساعدة أهالي غزة ولا يصل منها شيئا لمستحقيها أو يصل بعضها….، حتى ضعف السلطة وحصارها من طرف اسرائيل لم يؤثر على هذه الطبقة، والأسماء معروفة وحساباتها البنكية واستثماراتها معروفة كذلك علاقاتها مع بعض رجالات السلطة/السلطتين.
هذه الطبقة محصنة من كل محاسبة رسمية أو شعبية ولا تقدر عليها أو تؤثر فيها هيئة مكافحة الفساد ولا لجان الرقابة ولا حتى كلام الناس، وأموالها مؤمنة في بنوك أجنبية وإسرائيلية أردنية وتركية، ولذا يجب فضحها ومحاسبتها.