يوم أسقطت أوهام الاحتلال الأمريكي التركي
كتب / الدكتور خيام الزعبي
الشرق السوري محتل من قبل الأميركيين، احتلالاً مباشراً بشكل غير قانوني، وتحديداً في منطقة شرق الجزيرة السورية حيث تنتشر قواعد الاحتلال حول حقول النفط والغاز، والتي تحميها قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وفي الاتجاه الآخر منذ اليوم الأول للحرب على سورية والجميع يدرك جيداً أن تركيا هي من احتضنت المعارضة السورية المسلحة، وساهمت بصعود قوة التيارات الإسلامية المتشددة وحرضت بعض الأوساط الدينية على الإنخراط في صفوف الجهاد، وجماعاته في سورية وسهلت مرور الأموال والاسلحة والمقاتلين اليها، ومن هنا فإن الاحتلالين الأمريكي والتركي لبعض الأراضي السورية هما السبب الأساس في إطالة أمد الأزمة.
من المعروف أن سورية لديها موقع إستراتيجي مهم، وهي غنية بالثروات وتمثل موقعاً مهماً في الخارطة الجيو سياسية، ولا يخفى على أحد الأطماع الأمريكية التركية في سورية، ولهذا يتحرك الأمريكان والأتراك وحلفاؤهم لفرض الهيمنة عليها، وكذلك خلق مبررات وذرائع من شأنها تهيئة الأرضية المناسبة التي يريدون العمل عليها، لذلك صنعوا الجماعات المسلحة وصدّروا العبوات الناسفة والسيارات المفخخة الى سورية ليتسنى لهم السيطرة عليها تحت ذريعة محاربة الإرهاب وطرد داعش من سورية.
واستمراراً لمساعيهم الرامية إلى نهب الثروات السورية فمنذ بدء الحرب على سورية، فضحت تقارير إعلامية دولية عديدة قيام تركيا بشراء النفط السوري بأثمان زهيدة خلال فترة سيطرة الدواعش، ولم يخفي أردوغان رغبته في مشاركة الأميركان “إدارة حقول النفط السورية شرق الفرات” مدعياً رغبته استخدام العوائد في إعادة بناء البلاد، كما طالب المجتمع الدولي باستخدام عوائد النفط السوري في توطين اللاجئين السوريين، لكن في الحقيقة لم تكن هذه الطلبات سوى تمهيد تركي لضمان إدارة آبار النفط السورية من خلال الشركات التركية وضمان احتكار المكاسب الاقتصادية.
وفي ضوء ما سبق ، قرار طرد الامريكي والتركي من سورية اتخذ، وما يجري بداية التنفيذ لتوجه مشترك، خاصة بعد أن دعت العشائر العربية في الجزيرة السورية إلى توحيد الصفوف معلنة انطلاق المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الأمريكي بعد أن ازدادت قوّة وأصبحت تنتقي الأهداف بدقّة وطرد قوات الاحتِلال، واستِعادة السيادة على الآبار النفطية.
ويرى مراقبون، إن استهداف المقاومة الشعبية لأهداف عسكرية أمريكية، مختلفة عن سابقاتها من العمليات العسكرية، فهي تتوعد بالإستمرار وضرب أكثر المواقع الأمريكية حساسية.
ويبدو أن قدرات المقاومة لم تعد كما كانت في بداية الحرب على سورية، بل تطورت قدراتها من الناحيتين العسكرية الميدانية والإستخباراتية، حتى أصبحت تستهدف أهدافاً عسكرية حساسة لا يمكن اكتشافها أو تحديد موقعها بسهولة في العمق الأمريكي.
حيث شهدت القواعد الأمريكية المنتشرة في سورية، هجمات بواسطة قذائف صاروخية وطائرات مسيرة، في رسالة واضحة مفادها أن التواجد الأمريكي في سورية، لن يكون في مأمن، وهذه الهجمات الصاروخية المكثّفة هو إشعار ببَدء انطِلاق مرحلة المقاومة الشعبية السورية الوطنية لتحرير جميع الأراضي الواقعة تحت الاحتِلال الأمريكي، كما أن التدخل التركي في سورية محفوف ومليء بالمخاطر الإقليمية ويجب أن تضع أنقرة في حساباتها أنها تخوض حرباً مع جبهة المقاومة كما هي إسرائيل الآن.
بالتالي إ ما تقوم به المقاومة الشعبية والجيش السوري من مواجهة المحتل الأمريكي والتركي ما هو الا ضمن الدفاع المشروع عن النفس وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وشرحت المادة 2 من هذا الميثاق إطار علاقة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وعدم استخدام القوة لتهديد استقلال وسلامة الأراضي والسيادة الوطنية للدول، ومبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين، ما يؤكد ان ما تقوم به أمريكا وتركيا يستحق مقاومة على المستوى العالم، بعد الظلم الكبير الذي تمارسه أمريكا ضد شعوبنا.
اليوم سورية تتعافى، ما في ذلك شكّ، فهناك إنجازات إستراتيجية وعسكرية ملفتة، حيث نجح الجيش السوري في بسط سيطرته شبه الكاملة على مختلف المناطق والمدن السورية وتحريرها من قبضة مجاميع “داعش” الإجرامية، في وقت سادت فيه حالة من الإرتباك والقلق لدى الأطراف الداعمة لتلك المليشيات وفي مقدمتها أمريكا وتركيا.
مجملاً…. من الآن الى أن يصحو الرئيس التركي ويدرك أن سلوكه سيجلب الويلات على تركيا، سيتسبب في كوارث كثيرة في المنطقة، لذلك فالعدوان وأدواته الى زوال على ايدي الجيش السوري مالم تلتقط تركيا اللحظة وتعي انها ترتكب الأخطاء الذي سيكون سبب زوالها ، وأن أمريكا وأدواتها خُدعوا حين أعتقدوا أن الدولة السورية سهلة…بل كان العكس تماماً فأمريكا اليوم مصدومة ومرعوبة من قوة وشراسة الجيش السوري الذي قضى على آمالهم وحولها إلى كابوس مفزع، كل ذلك يؤكد بان سورية اليوم ترسم ملامح العزة والكرامة رغم كل المؤامرات التي تحاك ضدها وأن معارك التحالف الدولي بقيادة أميركا باتت نهايتها قريبة على اقل تقدير في سورية.
وأختم بالقول: إن الإرهاب يلفظ آخر أنفاسه، لذلك فإن الأيام المقبلة حاسمة، خاصة في الميدان الذي يميل لمصلحة المقاومة الشعبية إلى جانب الجيش السوري الذين حسموا أمرهم في التصدي للعدوان ومواصلة القتال حتى تحقيق النصر الذي يُبنى على نتائجه الكثير في المشهد الإقليمي والدولي.