لماذا كان الأسد يعاند الحقيقة؟!
كتب/ أحمد عبد السادة ||
كل قادة محور المقــ.ــاومة الذين كان لهم دور بحماية سوريا من المشروع الإرهــ.ــابي التكــ.ــفيري، منذ بداية الأزمة السورية في آذار 2011 وحتى سقوط نظام الأسد، كانوا يعرفون جيداً صفات بشار الأسد السلبية، وبمقدمتها العناد وتوهم القوة وتجاهل القيام بإصلاحات ضرورية عاجلة والبطء باتخاذ القرارات المناسبة، وهي صفات تكشفت للجميع مؤخراً.
لكنهم كانوا يحاولون معالجة تلك الصفات السلبية بالنصيحة تارةً، وبإمساك زمام المبادرة تارةً أخرى، لأنهم يعرفون بأن بشار، رغم سلبياته، داعم لمشروع المقــ.ــاومة وأن وجوده ضامن لبقاء مشهد التنوع الاجتماعي في سوريا،
لأن بديل بشار هو العنصر التكــ.ــفيري الإخواني الذي يعادي المقــ.ــاومة ويطبق أجندة الكــ.ــيان الإسرائيلي ويشكل تهديداً وجودياً للجميع باستثناء حاضنته الاجتماعية كما يحصل الآن.
بهذا الصدد يذكر الجنرال الشهيد حسين همداني (مسؤول الملف السوري في قوة القدس التابعة للحــــ.رس الثوري منذ 2011 حتى استشهاده في حلب في تشرين الأول 2015) في كتاب (رسائل الأسماك) الذي يحوي مذكراته،
بأن بشار الأسد ومعاونيه العسكريين والأمنيين كانوا غير متعاونين ولا يشعرون بخطورة المرحلة ولا يصغون للنصائح الإيرانية، لدرجة أن همداني في عام 2012 قدم تقريراً للسيد الخامنئي طلب فيه الإذن بالعودة لإيران لأن “المسؤولين في سوريا لا يستفيدون من الإيرانيين بالشكل الصحيح” حسب قوله، إلا أن السيد الخامنئي رفض عودته وأصدر أوامره للشهيدين القائدين سليــmــاني وهمداني بالاستمرار بمساعدة سوريا استناداً إلى رؤية حازمة وعميقة عبّر عنها بقوله: “سوريا بلد مريض لكنه لا يعرف بأنه مريض، وهذا المرض يجب شرحه وتفهيمه للساسة ورجال الدولة في سوريا، وإذا رفض هذا المريض الذهاب إلى الطبيب فيجب أن تأخذوه”.
بعد ذلك قام الشهيدان سليــmــاني وهمداني بالتحشيد للتعبئة الشعبية العامة وتأسيس (قوات الدفاع الوطني) الشبيهة بالحشد الشعبي العراقي، تلك القوات التي أسهم وجودها، مع الوجود الفاعل المؤثر لرجال حــzــــب الله وفصائل المقــ.ــاومة العراقية ونخبة قتالية واستشارية من حــ.رس الثورة ولواء “فاطميون” الشيعي الأفغاني ولواء “زينبيون” الشيعي الباكستاني، بتحقيق النصر على الجماعات الإرهــ.ــابية التكــ.ــفيرية في سوريا، تلك الجماعات التي وصل عددها إلى أكثر من 150 جماعة تضم إرهــ.ــابيين من كل أصقاع العالم وحصر أغلبها في إدلب.
في ذروة جهود قادة محور المقــ.ــاومة لإنقاذ وحماية سوريا (وبالذات جهود القائد الشهيد سليــmــاني وسيد شهداء المقاومة السيد حــ.ــسن نصــــ.ر الله) قام سليــmــاني بإقناع الرئيس الروسي بوتين بالتدخل العسكري في سوريا وتوفير غطاء جوي روسي للقوات المقــ.ــاومة على الأرض لتسهيل ملاحقة واصطياد وهزيمة قطعان الإرهــ.ــابيين مقابل ضمان وتكريس مصالح الروس في سوريا.
ماذا فعل الأسد بعد تلك المنجزات الباهرة والانتصارات العسيرة المكلفة التي ارتقت لمرتبة “المعجزات”؟
قام الأسد بعدها بحل وتفكيك (قوات الدفاع الوطني) بحجة انتهاء الحرب وزوال الخطر، وقام بالتنكيل ببعض أبطال الانتصار، والتضييق على قوات الحليف الإيراني وكل القوات “الصديقة” وتخفيض وجودها ونفوذها بعد استماعه لنصائح سخيفة (بعضها صدر من زوجته) ومفادها أن وجود هذه القوات يستفز السنّة السوريين، بل قام حتى بإغلاق السفارة اليمنية في دمشق وترحيل طاقمها في تشرين الأول 2023 لكسب رضا السعودية والإمارات اللتين وعدتا بدعمه مقابل تخليه عن حلفائه القدامى!!
كما قام حتى بسحب المقاتلين السوريين الشيعة المدربين من صفوف القوات “الصديقة” ودمجهم في الجيش السوري، وكل هذه الإجراءات ترافقت مع فساد الأسد وحاشيته وإهماله للجيش المتهالك المنخور أصلاً وتجويعه فضلاً عن عدم إيجاد حلول اقتصادية للوضع المعيشي المتردي للناس، وعدم استجابته للنصائح الإيرانية والروسية لإيجاد حلول سياسية لمجمل المعضلة السورية.
بسبب عناد الأسد وإهماله وسوء تدبيره ورهاناته الساذجة وخطأ تقديره للأمور وشعوره بوهم القوة، تم هدم التأسيس الصلد لمحور المقــ.ــاومة في سوريا، وتم هدر التضحيات العظيمة وتضييع الفرص الكبيرة، فحصلت الكارثة ووقعت سوريا في حفرة التكــ.ــفيريين التابعين لأردوغان الذين يشهد العالم كله الآن إرهــ.ــابهم ووحشيتهم وفظائعهم بحق العلويين والشيعة والمسيحيين، والقادم أبشع وأفظع بالتأكيد.