عداد الطلبة الجامعيين لسوق العمل
كتب/ هاشم كاطع لازم
لم تعد الشهادة الجامعية تكفي لوحدها للحصول على وظيفة مناسبة، لذا أصبح لزاما على طلبة الجامعات أن يفكروا مليّا بوظيفة المستقبل وأن يعدوا العدة لذلك. من هنا يصبح تأهيل الطلبة لما بعد التخرج أمرا أساسيا توليه الجامعات الأهتمام الكبير لكونه يمثل جانبا مهما للغاية في مساعدة الطلبة على معرفة عالم العمل وكذلك تأهيلهم لسوق العمل المهني المرغوب. والتأهيل الفعال للطلبة يزودهم بالمهارات الضرورية والمعرفة والخبرة التي تعينهم على تحقيق النجاح في وظائفهم المستقبلية.
ويواجه الخريجون في الوقت الحاضر (من عام 2020 فصاعدا) معدل بطالة مرتفع للغاية يبلغ 12% فيما يجد 88%من الخريجين فرص عمل لهم علما أن غالبية هؤلاء الخريجين يشغلون وظائف لاتمت بصلة للأختصاصات التي درسوها في الجامعات.لذا يتعين على الجامعات، أكثرمن أي وقت مضى، أن تزود طلبتها بالخبرات والدعم لتسهيل عملية الأنتقال من الدراسة الى ميدان العمل.
هناك سبع ستراتيجيات يمكن أن تستعين بها الجامعات لتهيئة الطلبة لوظائف المستقبل بكل فاعلية:
1.تشجيع الطلبة على المشاركة في عملية أكتشاف الذات
لابد أن تشجع الجامعات الطلبة على أكتشاف ذواتهم (قدراتهم وأمكانياتهم)، فقبل أن يشرع الخريجون في البحث عن الوظائف المناسبة لهم لابد أن نساعدهم على معرفة أنفسهم معرفة واسعة، وهذا يعني العمل على تشخيص اهتماماتهم وعواطفهم وقيمهم ونقاط قوتهم وضعفهم. وحين ينجح الطلبة في معرفة قدراتهم على نحو أفضل فأنهم سوف يكونوا في وضع أفضل لأختيار الوظيفة المناسبة لهم. ويمكن تحقيق ذلك من خلال أجراء تقييمات للوظائف المتاحة بالتشاور مع المرشدين التربويين أو الأختبارات الشخصية الى غير ذلك من السبل الأخرى التي يكن أن تنتهجها الجامعات لتشجيع الطلبة على زيادة معرفتهم بأنفسهم قبل ولوج ميدان العمل.
2. أجراء البحوث بخصوص الصناعات والوظائف
يتعين على الجامعات أن تجري بحوثا تخص الصناعات والوظائف وتوجهات السوق وتمرير ذلك للطلبة لمساعدتهم على اتخاذ قرارات صائبة بخصوص وظائفهم المستقبلية. كما ينبغي تشجيع الطلبة على البحث من جانبهم أيضا من خلال معارض الوظائف ومصادر المعلومات المتعلقة بالوظائف الشاغرة مما يساعد الطلبة على الأطلاع على متطلبات الوظائف والرواتب فضلا عن أختيار الوظيفة التي تتلائم مع تطلعاتهم وقيمهم.
3. توفير فرص للأتصالات الواسعة
أن توفير خيارات لتواصل الطلبة مع أطراف أخرى تمثل ستراتيجية تؤدي الى فتح الكثير من الأبواب وتوفير الفرص الثمينة للطلبة حيث أن التخطيط لفعاليات صناعية وأقامة ورش عمل حول تعليم مهارات التواصل والتدريب العملي سوف يؤدي الى أعانة الطلبة على أقامة روابط مهنية ذات جدوى كبيرة لابد أن تجعلهم أكثر نجاحا في مهام عملهم المستقبلية. كما أن مثل شبكة التواصل هذه تساعد على تعزيز العلاقات بعيدة المدى التي من المؤمل أن تدعم تطورهم المهني. ونقترح في هذا الخصوص رعاية شبكة للخريجين لأن بمقدور مثل هؤلاء أن يقدموا التوجيه والدعم والفرص للطلبة المنتظمين بالدراسة. تجدر الأشارة أن التعويل على دور الخريجين قد غدا سمة تهتم بها الجامعات كثيرا كونها تمثل سبيلا نافعا جدا نضمن بموجبه تحقيق التطور للطلبة المنتظمين بالدراسة.
4. تنفيذ برامج التعليم الخاص للطلبة
للتعليم الخاص المصحوب بتقديم النصح والأرشاد فوائد كبيرة لاتنحصر بالعاملين في سوق العمل فحسب أنما يمتد أثره الى الطلبة أيضا حيث انه يعزز من التطور الشخصي والمهني والأكاديمي. أن المدرسين المرشدين جاهزون لتقديم الدعم والأرشاد من خلال أفكارهم ونصائحهم القيمة. وهناك الكثير من الفوائد المرتبطة ببرامج النصح والأرشاد التي تتبناها الجامعات ومنها تحسين المهارات وتعزيز الدافعية لدى الطلبة.
5. التأكيد على أهمية التميز الشخصي
في عصرنا الحالي حيث تهيمن التكنولوجيا على كل شيء يتعين على الطلبة التركيز على بلورة وجودهم عبر الأنترنت لاسيما وأن التميز الشخصي لابد أن يساعدهم على خلق موطيء قدم لهم في جو المنافسة المتنامي. من هنا تأتي أهمية استضافة ورش العمل والفعاليات التي تركز على رسم لمحة موجزة ورصينة للطلبة تتبين من خلالها مهاراتهم وأنجازاتهم وبالتالي بيان قدراتهم الكاملة. ومثل هذا الأمر لن يساعدهم على ضمان الحصول على وظيفة مقارنة بالآخرين الذين يسعون للحصول على وظيفة فحسب أنما سوف يؤدي ذلك الى أستقطاب أهتمام أصحاب الأعمال المحتملين.
6. توفير فرص تطوير المهارات
في أطار سوق العمل الذي يعج بالمنافسة يحتاج الطلبة الى تطوير مهاراتهم والأهتمام بشكل خاص بالمهارات الناعمة المطلوبة من جانب أصحاب الأعمال. وفيما يتطلع غالبية أصحاب الأعمال الى مستويات تعليم عالية للمتقدمين للوظائف فأنهم يقيمون مهارات مثل العمل الجماعي وحل المشكلات والتواصل. ويتعين أن يحظى الطلبة بفرص تعينهم على تطوير مهاراتهم لضمان التطور المهني في المستقبل. لذا فأن تنظيم الورش التدريبية والنشاطات اللاصفية سوف يساعد الطلبة على الأحاطة بالمهارات وتطويرها بكل فاعلية.
7. تعزيز الشراكات ومجالات التدريب مع الجهات الصناعية
هناك حاجة لبناء شراكات بين الجامعات وقادة الصناعة والأعمال المحلية والمنظمات والخريجين لأنها تسهل عملية التدريب الداخلي والحصول على الوظائف والدعم. ومثل هذه الأمور هامة للغاية للطلبة حيث أنها تتيح لهم الفرصة لتعلم المهارات المطلوبة من جانب الصناعة أو الوظيفة. كما يتمكن الطلبة من خلال تلك الشراكات من أكتساب الخبرات وفي الوقت ذاته العمل على تجسير الهوة بين التعليم ومكان العمل. ويعني ذلك أن الطلبة يحدّثون معلوماتهم بشان آخر التوجهات في مجال عملهم وأقامة علاقات مهنية جديدة وربما الحصول على وظيفة بعد أنتهاء فترتهم التدريبية.
خلاصة القول، تسهم الجامعات كثيرا في عملية التأهيل لشغل الوظائف، فمن خلال الهام الطلبة للمشاركة في أكتشاف الذات وأجراء البحوث حول الصناعات وتوفير فرص التواصل مع الآخرين والأستثمار في برامج التعليم الخاص وأبداء النصح وبيان أهمية التميز الشخصي والعمل على تنمية المهارات وأيجاد شركاء صناعيين يمكن للجامعات أن تتيقن من حصول طلبتها على أفضل الفرص والوظائف المستقبلية. ولاشك أن كل ذلك يمكن أن يتحقق من خلال تزويد الطلبة بالمهارات الصحيحة والمعرفة والبحث وتمكينهم ليكونوا أكثر أقتدارا ونجاحا من الناحية المهنية في الوظائف التي سوف يتبوأونها في المستقبل.