قيادة الشرفاء للمعركة السياسية: هل تُجبر إسرائيل على التفاوض
كتب / ا. د. هاني الضمور ..
كيف يمكن أن تتحول غزة، المحاصرة منذ سنوات، إلى محور يُجبر الاحتلال الإسرائيلي على مراجعة حساباته؟ أليس من اللافت أن القيادة الفلسطينية اليوم، ولأول مرة في تاريخ الصراع، تقود معركة سياسية بشرف وإصرار، تجبر إسرائيل على الدخول في مفاوضات؟ أليس هذا دليلاً على أن الحق، مهما بدا ضعيفاً أمام القوة العسكرية، يبقى أقوى عندما يُدار بحكمة ووعي؟
هل يمكن للقوة العسكرية أن تحقق النصر إذا كانت تخلو من القيم والأخلاق؟ ألا تدرك إسرائيل أن استمرارها في استخدام القوة المفرطة لن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني، بل يزيد من صموده؟ كيف يمكن لدولة تعتمد على الاحتلال والحصار أن تُبرر نفسها أمام العالم بينما تزداد الإدانة الدولية لانتهاكاتها؟
ألم تثبت غزة أن المعركة السياسية، عندما تُقاد بالشرف والنزاهة، يمكنها أن تهز أركان القوة العسكرية؟ كيف استطاعت القيادة الشريفة في غزة، رغم الإمكانات المحدودة، أن تحوّل معركة حقوقية إلى أداة ضغط سياسي ودبلوماسي؟ أليس هذا التحول النوعي مؤشراً على أن إسرائيل، رغم تفوقها العسكري، تفقد السيطرة على روايتها أمام العالم؟
لماذا تصر إسرائيل على تجاهل الحقائق؟ هل يمكنها تجاهل الأصوات المتزايدة في العالم التي ترفض سياستها وتطالب بالعدالة للشعب الفلسطيني؟ وكيف يمكنها إنكار أن المقاومة السياسية في غزة أصبحت اليوم أداة فعّالة لإحراجها على الساحة الدولية؟
أليس من الواضح أن القيادة الشريفة في غزة قد أحدثت تحولاً غير مسبوق في مسار الصراع؟ كيف يمكن لإسرائيل أن تستمر في حربها العسكرية بينما تجد نفسها مجبرة على التفاوض مع خصم لم تتمكن من كسره بالقوة؟ أليس هذا دليلاً على أن المعركة العسكرية، مهما بلغت شدتها، لا تستطيع تحقيق ما يمكن أن تحققه المعركة السياسية المدعومة بالشرعية والحق؟
في النهاية، ألا يُثبت هذا الواقع أن القيادة السياسية التي تعمل بشرف وصدق تستطيع أن تُحدث فرقاً حقيقياً؟ ألم تبرهن غزة أن النصر لا يُقاس بعدد الأسلحة، بل بمدى الالتزام بالمبادئ والقدرة على الصمود؟ وهل هناك دليل أقوى من إرغام الاحتلال على التفاوض مع من حاول لسنوات أن يُقصيهم من المشهد السياسي؟