ترامب …… الفاشية الجديدة
كتب / فتاح الكعبي
كثير من الاسئلة تثار الان عن المرحلة القادمة لرئاسة ترامب على مستوى الداخل الأمريكي والسياسة الخارجية الامريكية. وتأسيسا على الجولة الرئاسية الأولى لترامب 2017_2021 وخطابه ألذي امتاز بشعبوية واضحة فلابد من العودة إلى دراسة وتحليل خطاباته وما قدمه خلال الدورة الأولى. واضح ان ترامب ألذي فاز بالرئاسة الامريكية ممثلا للحزب الجمهوري الأمريكي هو اصلا ليس من هذا الحزب وليست لديه ايديولوجية واضحة ولاانتماء فكري أو حزبي محدد ، ففي عام 2000 رشح للانتخابات الرئاسية بإسم حزب جديد هو (الإصلاح ) ، وهو غالبا ما يحاول تسويق نفسه بأنه السياسي ورجل الأعمال القادر على قيادة أمريكا أو المتحدث بإسم الشعب وإنه خيار الناس والمنقذ للمنسيين وعليه مهمة إصلاح النظام الخرب في واشنطن وإن يوم تنصيبه في العشرين من كانون الثاني هو يوم ( حكم هذه الأمة من جديد ). يمتاز ترامب ببراغماتية شديدة وتعامل ميكافيللي (الغاية تبرر الوسيلة ) وبالغرور والنرجسية وبروز (الأنا ) بأعلى اشكالها في حديثه وخطابه اللفظي ألذي لايختلف عن خطاب السياسيين الشعبويين الذين يقدمون حلولا بسيطة لمشكلات معقدة ، وانهم غرباء عن المجال السياسي والاجتماعي بمعنى انهم جاؤوا من خارج التيار السائد ،ومن خارج منظومة النخب السياسية والمالية المتصدرة للمشهد ، والتركيز على ثنائية (نحن) و(هم) ، كما يمتاز هذا الخطاب اللفظي عند ترامب بالعدوانية والهجومية على المؤسسات مثل المحاكم -السلطة التشريعية، واعتماده على وسائل الإتصال المباشر مع الجمهور مثل منصة(x) (بين حملته الانتخابية 2016 وأثناء رئاسته 2018 نشر ترامب 1339 تغريدة في حسابه الشخصي على منصة تويتر ) بين هجوم وانتقاد وتهديد لوسائل الإعلام. على مستوى السياسة الخارجية فالخطاب عند ترامب إنما يستند على بعض من الممارسات المترسبة في السياسة الأمريكية التي يدعمها الخطاب الشعبوي (الدول التي نقوم بحمايتها عليها الدفع مقابل ذلك ) وهي نفس دعوة الرئيس الامريكي السابق جاكسون التي تدعو إلى إعادة النظر في الاتفاقات الدولية والتفكير المستقبلي بالانسحاب منها مثل حلف شمال الأطلسي ألذي قال عنه بانه (عفا عليه الزمن ) ، واشارته إلى ضعف الأمم المتحدة وعدم كفاءتها وان أمريكا ما عاد لها ذلك الإحترام بسبب سياساتها الضعيفة، وبالتالي فهي بحاجة إلى(قائد عظيم) يمكن أن يجعل (امريكا عظيمة مرة اخرى) . عام 2017 قرر ترامب الإنسحاب من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهاديء والتي كانت قد ابرمتها إدارة اوباما مع 12 دولة ، كذلك الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ ، وفي العام 2018 الانسحاب من الإتفاق النووي مع إيران والذي أبرم في إدارة اوباما ايضا ، والانسحاب من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والحدث الأهم أيضآ هو انسحاب القوات الأمريكية خلال إدارته من سوريا وافغانستان، كما قرر ترامب قطع المعونة المالية عن منظمة الصحة العالمية عام 2020، وفي نفس هذا العام انسحب من اتفاقية (السماوات المفتوحة). السؤال الذي قد يطرح، ما هي العوامل التي ساعدت على ظهور شخصية شعبوية مثل ترامب ؟ وابسط جواب على ذلك يكمن في ضعف الخطاب الأمريكي الذي يساهم بظهور الخطاب الشعبوي، وهو ايضا يستند بجملته إلى أسطورة الاستثناء الامريكي التي كنت قد كتبت عنها في مقال سابق، وموقف الحزب الجمهوري وتحولاته المفاجئة مثل ظهور تيار (حركة الشاي ) والجماعات الاصولية العنصرية واليمين المسيحي الذي يعارض الهجرة والعولمة والانفتاح الاقتصادي والاجتماعي . ان تزايد الهجرة إلى الولايات المتحدة ساعد ايضا في تعزيز الخطاب الشعبوي ألذي يرى في هذه الهجرة تهديد للهوية البيضاء البروتستانتية الانكلوسكسونية، وتهديد لفرص العمل في الداخل الأمريكي، كما لاينسى الأمريكان الخطاب التحريضي لترامب في تغذية الاحتقان والانقسام والاستقطاب الحزبي والعنف السياسي في الولايات المتحدة مثل حادث اقتحام الكونغرس(كانون الثاني 2021) ألذي دعا انصاره فيه إلى التظاهر على نتائج الانتخابات الرئاسية بدعوى(سرقة الانتخابات) ورفع شعار (انقذوا امريكا) . ترى في هذه الدورة الجديدة إلى اي حد ستكون الصفات الشخصية والسلوك السياسي لترامب متناغما مع المزاج الشعبي الأمريكي…