غزة تنهض بين الركام... إنّها كربلاء العصر
كتب / د. محمد أبو بكر
يعجز كلّ كتّاب الكون عن وصف غزة وشعبها ومقاومتها، وشخصيا؛ لا أجد ما يناسب أهل غزة من كلمات، لكنني سأحاول ما استطعت، أشعر بنشوة غامرة على تحقيق الإنتصار، قد يقول البعض.. عن أيّ انتصار تتحدث يا رجل، وغزة فقدت أكثر من مائة وستين ألفا ما بين شهيد وجريح ومفقود، عدا عن تدميرها ؟ والردّ على ذلك أبسط مما يعتقد البعض ..
الإنتصار العظيم يتمثّل في التالي..
كلّ أهداف العدو سقطت، لم يتحقق أيّ هدف منها ؛ القضاء على المقاومة والتهجير واستعادة الرهائن، واحتلال غزة وبناء المستوطنات، حتى خطّة الجنرالات سقطت، واستطاعت المقاومة تحرير محور صلاح الدين نيابة عن مصر، واقتلاع الصهاينة من محور نتساريم.
هذا أولا؛ ثمّ بقاء المقاومة رغم أنف الجميع، من صهاينة وعرب متصهينين، ورغم أنوف كلّ من حاول شيطنة المقاومة والإساءة إليها، وكشفت المقاومة زيف بعض الأنظمة العربية الكاذبة المتهالكة، وفضحت الخونة والعملاء، وأزالت القناع عن وجوههم، في الوقت الذي بدأ كتّاب متصهينون بالتشويش على انتصار المقاومة، التي لم ولن تنكسر، وهي القابضة على الجمر الوطني غير عابئة بأيّ أهوال، هي المقاومة التي دافعت وما زالت عن شرف كلّ الأمة وكرامتها من محيطها إلى خليجها .
غزة ؛ هي كربلاء العصر والتاريخ، غزة التي لم تركع، في حين أنّ أنظمة مفلسة مازالت تمارس ركوعا وخنوعا غير مفهوم أبدا، والدم الفلسطيني سيبقى نورا ونارا ينير دروب كل الثوار والأحرار في هذا العالم .
يقول كاتب ( إسرائيلي ) .. حماس أسطورة لأجيال قادمة، لقد انتصرت علينا، وعلى كل الغرب، وصمدت في المواجهة، وتقول صحيفة هآرتس في افتتاحية لها .. الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض، هبّوا للدفاع عن حقوقهم بعد 75 عاما، وكأنهم رجل واحد، في حين صهاينة العرب دائما ما يقولون بأنّ الفلسطينيين باعوا أرضهم وقضيتهم !
حتى إيتمار بن غفير يقول .. ما شاهدته في غزة من احتفالات يكشف بوضوح من هو الطرف الذي خضع واستسلم، هذا ما يقوله الأعداء، في حين أنّ عربان الردّة وكتّاب الطوارئ والأمور المستعجلة، يثيرون فينا كلّ قرف وتقزز، حين يصنعون من (هفوة) القائد خليل الحيّة قضية كبرى، وهم يدركون بأن ما يقومون به هو الفتنة اللعينة بعينها، فالأردن دائما هو في الخندق الفلسطيني، ولا يعبأ لمثل هؤلاء الكتبة الصغار، وعلى هؤلاء أن ينتبهوا جيدا لما هو قادم من طرف اليمين الصهيوني، لأنّ المواجهة معه باتت حتمية .
وفي كلّ الأحوال؛ يجدر القول أنّ ..
المقاومة انتصرت ولم تنكسر، وها هي تنهض بين الركام، وستبقى على أرض غزة، ومن حقق الإنتصار هو الشعب الفلسطيني العظيم، نيابة عن كلّ جيوش العرب، ولو كان هناك عمق استراتيجي عربي لما تجرّأ الصهاينة على ارتكاب مجازرهم طيلة خمسة عشر شهرا.
الصمود الأسطوري للمقاومة والشعب أجبر رئيسان امريكيان على إنهاء هذه المجزرة، وبلينكن فضح أنظمة عربية حين قدّم الشكر لدول في المنطقة ساعدت (إسرائيل) في حربها ضد المقاومة الفلسطينية !
وأختم؛ غزة انتصرت بالنار.. يرحم روحك يالسنوار.