برلمان ضد ارادة الشعب ووطن يواجه المجهول!
كتب / راجي سلطان الزهيري
تخيلوا ان العراق الذي هو موطنُ الحروف السومريّة والبلد الذي كان يوماً منارة للعلم والحضارة ومهداً لأقدم الحضارات الإنسانية يقف عاجزاً على مفترق طرق بالرغم من مرور عقدين على التغيير السياسي الذي أعقب سقوط النظام السابق، الا ان الاحلام التي كانت تراود العراقيين ببناء دولة ديمقراطية قوية أصبحت في كثير من الأحيان كوابيس تؤرق حياتهم اليومية وتنغص فتات ما تنعموا به فيما تناثر من هذا العمر.
البرلمان: ممثل أم معطِل ؟!
يفترض أن البرلمان في أية دولة هو انعكاس لإرادة الشعب ومصالحه ولكن ، في العراق يبدو أن الأمر مختلف تماماً، فبدلًا من أن يكون البرلمان مؤسسة تسعى لخدمة المواطنين تحول إلى ساحة لمصالح شخصية وحزبية ، خذ على سبيل المثال قانون التقاعد الذي كان ينتظر التصويت عليه لسنوات ولم ينجز لحد الان في حين تُنجز القوانين المتعلقة بامتيازات النواب بسرعة البرق. وهذا دليل قاطع على ان هم البرلمان هو انجاز المصالح الشخصية على حساب مصالح الشعب .
الواقع: قطاعات حيوية معطلة
القاصي والداني يشهد ان التعليم في العراق كان يوماً مركزاً محورياً للتعليم في العالم العربي والإسلامي واليوم تراجع بشكل مخيف وأصبح بلا معنى حقيقي، فالجامعات الاهلية الكثيرة التي تضخ الخريجين العاطلين والجامعات الحكومية والمدارس تعاني من نقص التمويل وسوء الإدارة والمناهج التي لم تعد تواكب العصر.
الصحة: أنهيار لا مثيل له .
يشهد القطاع الصحي انهيارا كبيرا في جميع مفاصلة فالمستشفيات تعاني من نقص التجهيزات والأدوية، وغياب الكفاءات بسبب هجرة الأطباء الامر الذي دفع الكثير من المرضى إلى تفضيل البقاء في منازلهم والموت بكرامة على دخول مستشفى لا يوفر الحد الأدنى من الرعاية والمهنية العالية المتعلقة باحترام حياة الانسان، أما العيادات والصيدليات فقد تحولت إلى مسالخ وتجارة مفتوحة بلا رقيب أو حسيب.
النزاهة : فيها كل شيء إلّا النزاهة .
النزاهة والفساد لا يفترقان، مفارقة لا تجد لها مثيلا إلّا في العراق ، فهيئة النزاهة التي يفترض أنها معنية بمكافحة الفساد ورصد الخراب ومتابعة حيتان المال السائب أصبحت هي ذاتها تُتهم بالتواطؤ مع الفاسدين، مما يعكس أزمة عميقة في منظومة العدالة والمساءلة.
الشعب والبرلمان: علاقة عكسية .
شيئاً فشيئاً، بدأ المواطن العراقي يفقد ثقته تماماً بمؤسسات الدولة، وعلى رأسها البرلمان فبدلًا من أن يكون البرلمان صوت الشعب المدافع عن حقوقه تحول إلى خصم يعمل ضده. القوانين التي تخدم المواطن تبقى مؤجلة لسنوات بينما تُمرر القوانين التي تخدم النخب السياسية والحيتان بوقت قياسي.
إلى أين انتم ذاهبون بنا؟
يبقى السؤال الأكبر الآن هو: إلى أين يتجه العراق؟ الواقع الحالي يشير إلى أن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. البطالةو الفقر و الفساد وتدهور الخدمات كلها مؤشرات تنذر بالخطر، ولكن الحل لا يزال ممكنّاً إذا ما توفرت الإرادة الشعبية والسياسية الحقيقية.
الشعب العراقي يمتلك القوة لتغيير الواقع إذا ما توحدت جهوده بعيداً عن الانقسامات الطائفية والسياسية والمظاهرات الشعبية التي شهدناها في السنوات الأخيرة قد تكون بداية طريق التغيير إذا ما استمرت بشكل منظم وسلمي مع رؤية واضحة للمستقبل.
في النهاية، العراق بلد غني بموارده وتاريخه، ولكنه يحتاج إلى قيادة مخلصة وشعب متحد يعيد بناء ما دمرته السنوات. العراق يمكن أن ينهض ولكن الأمر يتطلب شجاعة وصبرًا وإرادة حقيقية للتغيير.