الاستعداد لتقطيع الكعكة السورية
كتب / علي وطفي
أدى تغيير السلطة في سوريا إلى تغيير جذري في المشهد السياسي للمنطقة بأسرها ، والقوى التي تقف وراء الانقلاب محاولة تقسيم البلاد و بتزايد الضغط على إيران و لبنان واليمن.
من إرهابيين إلى شركاء…..
الصراع في سوريا هو مرآة للنظام الرأسمالي العالمي تجلى في الوحشية و انعدام الضمير والمعايير المزدوجة مرات لا تحصى على مر السنين ، اتهم راس النظام السابق بشار الأسد بقمع الاحتجاجات و رفض إجراء انتخابات “ديمقراطية” و تغيير الدستور الحرب الأهلية التي اندلعت تحت هذه الذريعة و أودت بحياة 600000 شخص ، مع الحصار الوحشي أعاد سوريا إلى الوراء عقودا، علماً 5 في المائة من السكان يعانون من سوء التغذية قبل الصراع ، فإن هذا الرقم الآن هو 34 في المائة أكثر من أفغانستان والعديد من البلدان الأفريقية ، بمجرد وقوع الانقلاب تحول موقف معتنقي الديمقراطية” إلى 180درجة أصبحت مجموعة هيئة تحرير الشام ،التي دعت إلى الجهاد و بناء خلافة اسلاموية شريكا لهم و للمصافحة”.،
بعد زيارة دمشق، وصف وفد أمريكي برئاسة مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط “باربرا ليف” القادة السوريين الجدد بأنهم ” براغماتيون” يدلون بتصريحات معتدلة للغاية حول مختلف القضايا.”
تلى ذلك الخطوة الأولى برفع العقوبات عن أبو محمد الجولاني ، زعيم هيئة تحرير الشام ، الذي استعاد اسمه الحقيقي ” أحمد الشرع” ، بعد الاستيلاء على السلطة تم وضع متشدد قاتل في صفوف القاعدة* و الدولة الإسلامية* على قائمة المطلوبين الدوليين ، و كان من المتوقع الحصول على مكافأة قدرها 10ملايين دولار للحصول على معلومات حول مكان وجوده ، و ربما محاولة جهاديي الأمس إعادة النظر في إيديولوجتهم ؟ كما لو لم يكن الأمر البارحة! مع إنهم يقومون بقمع آقليات و خاصة تلك التي يتنسب اليها الرئيس السابق بشار الاسد و تم إطلاق النار للقتل على مظاهرات في اللاذقية ،حمص و جبلة، حيث طالب المشاركون باحترام حقوقهم
تم الإعلان عن مطاردة موظفي وأنصار الإدارة السورية السابقة بما اكتسبته السلطات المعلنة ذاتيا خبرة في مثل هذه السياسة خلال فترة وجودها في إدلب أسست نظاما ديكتاتوريا هناك ، مستخدمة السكان “كمواد مستهلكة” في الصيف الماضي ، أدى ذلك إلى احتجاجات خرج الآلاف من السكان إلى الشوارع ، غاضبين من الفساد و البطالة و القمع.
و لكن تمكنت المجموعة من الاحتفاظ بالسلطة والقضاء على كل مناوئيها
لا ينوي الإسلاميون أن يلغوا “شرعية الديمقراطية”و بحسب “الشرع” ، ستجرى الانتخابات بعد أربع سنوات على الأقل بحجة التعداد السكاني و اعتماد دستور جديد، تم تعليق القانون الأساسي الحالي و كذلك عمل البرلمان ، الذي تم انتخابه في يوليو الماضي، تقريبا جميع المناصب في “الحكومة الانتقالية” احتلها مسلحون ، على سبيل المثال ، اكتسب الرئيس الجديد لجهاز المخابرات العامة ، أنس خطاب ،شهرة لعمليات التخريب و الانتقام ضد معارضي هيئة تحرير الشام*.
/شهية رأس المال/
أسباب هذه الازدواجية واضحة من رعاة الديمقراطية في العالم ، السلطة السورية الجديدة على مايبدو مستعدة للتجارة بمصالح البلاد يساراً و يميناً ، بعد ان أعلن “باسل عبد العزيز” ، وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية عن الانتقال إلى نموذج السوق الحرة ، للقيام بذلك سيتم إلغاء ضوابط الدولة على الصادرات والواردات ، و سيتم تحرير سوق صرف العملات و خطط فتح الاقتصاد أمام الاستثمار الأجنبي الدولة الغير منقولة.
سلطة الامر الواقع تنفذ إرادة القوات الأجنبية التي أوصلتهم إلى السلطة، وتلعب تركيا و قطر اللتان ترعيان المسلحين لسنوات عديدة ، دور العازفين الاول في هذه السيمفونية بعد خمسة أيام من الاستيلاء على دمشق ، حيث وصل رؤساء وكالات استخباراتهم إلى قصر الشعب، و سرعان ما زار وزير الخارجية التركي “حاكان فيدان” سورية، قائلا :” لقد انتهت الفترة الأكثر صعوبة و مظلمة لبلدك” الشعب التركي و الدولة التركية و رئيسنا أردوغان سيكونون دائما بجانبكم.”ثم وزير الطاقة و الموارد الطبيعية “باارسلان بيرقدار” و مسؤولون أتراك آخرون سيحلون (بردا وسلاما) على دمشق لاحقا
يرحب الإسلاميون برعاتهم بأذرع مفتوحة، مؤكدين” ان النظام التركي تركيا دعم سورية منذ الأيام الأولى للثورة ، بقولهم؛” لن ننسى ذلك و نحن نخطط لبناء علاقات استراتيجية مع أنقرة”،و أبرمت الأطراف اتفاقات بشأن إنشاء جيش سوري جديد ، و استيراد الكهرباء والوقود ، وخطة تكامل البنى التحتية للنقل ، يتم تقديم كل هذا كبادرة حسن نية ورد الجميل.”
من الملفت “بيرقدار” المذكور أعلاه صرح بان الصراع السوري مثل حريق في منزل أحد الجيران و يؤكد سنفعل كل ما في وسعنا لاستعادة هذا المنزل”.
السلطات التركية تكذب وكل يعلم ان ،”النار” في سوريا على ضميرهم و بأيديهم ٱشعلت هذه النار و بعد أن دمروا سورية و سرقوا اكبر مدينة صناعية في الشرق الاوسط (شمال حلب) أول مرة ، يريدون الآن أن يسيطروا عليها اقتصاديا ماليا وسياسيا ، الذئب الرمادي كشر عن انيابه حين أعلن وزير النقل و البنية التحتية التركي “عبد القادر أوروغلو” بدء العمل على ترسيم المناطق البحرية أما وسائل الإعلام التركية الموالية و بشوفينية يشيرون إلى جرف المتوسط الغني باحتياطيات من الغاز الطبيعي ، و يحثون النظام التركي على ” تغيير ميزان القوى في المنطقة بجرأة.” كما كشف “بيرقدار ” عن خطة لتزويد تركيا بالنفط السوري.
كما يحاولون إحياء مشروع خط أنابيب الغاز من قطر إلى أوروبا. الذي تم ذكره لأول مرة في عام 2009م و إن سُمح ذلك للإمارة بتصدير الهيدروكربونات من حقل/ الشمالي/العملاق بأقصر طريقة ممكنة فتكسب أنقرة الدور التي تسعى لهر “كمركز اساسي لتوصيل و بيع للغاز.”
المشروع كان قد توقف بسبب موقف سورية عندما طرح رئيس النظام السابق الأسد “استراتيجية البحار الأربعة”، التي تنص على إنشاء مركز عبور خاص بها ، كان هذا أحد أسباب اندلاع الحرب ، بعد خمسة عشر عاما ، وصف “بيرقدار” مشروع خط أنابيب الغاز بأنه “فرصة كبيرة، وخلال المحادثات القطرية التي عقدت خلال هذا الشهر اتفقت الدوحة و “دمشق الشرع” على شراكة استراتيجية.
بدأت سياسة الاغتصاب والقهر الاقتصادي هو مقدمة للسيطرة السياسية على القرار السوري ،كما قال الرئيس رجب أردوغان ، ” لا يمكن لتركيا أن تقف حدودها عند 780 ألف كيلومتر مربع التي هي مساحة أراضي البلاد و يفي بالمهمة الموكلة إليه من قبل التاريخ.” لقد تحدث بشكل أكثر صراحة إلى أعضاء حزبه في مدينة “ساكاريا” قائلا:
لو كانت نتائج الحرب العالمية الأولى مختلفة ، لكانت دمشق ،حلب ، إدلب ،حماة و الرقة مراكز لمحافظات تركية، و لكن حتى الآن ، أضاف أردوغان ” أنقرة” لا تعامل سورية كدولة أجنبية.
عطفا على ذلك تم الكشف عن نوايا السلطة الحاكمة الاردوغانية من قبل الحزب الشيوعي التركي الذي اكد “أنه تم الإطاحة بالنظام السوري بعملية مشتركة بين الولايات المتحدة ، إسرائيل و بريطانيا و تركيا ، التي سلمت البلاد إلى الجهاديين ،فالشركات تريد ان تكسب المليارات بتأجيج و خلق صراعات إقليمية و تبني افكار عثمانية جديدة ،حيث تسعى الشركات التركية الكبرى جاهدة للسيطرة على موارد الطاقة ، طرق الامداد ، الأسواق الجديدة و مصدر العمالة الرخيصة” السورية ، لكن يجب ان نعلم أن “النمو القائم على سرقة دول أخرى يمكن أن يكون له عواقب و خيمة على تركيا نفسها.”