
حرب طاحنة بين ترمب وموظفي الوكالات الفدرالية
كتب / حسين الديك …
منذ توليه السلطة في البيت الأبيض في 20/1/2025م وتشكيل ما عرف إدارة الكفاءة الحكومية ، يقوم الرئيس ترمب وطاقم إدراته بحملة إقالات في صفوف موظفي الوكالات الفدرالية، تستهدف بشكل أساسي وزارات الدفاع والخارجية والنقل وشؤون قدامى المحاربين والإسكان والتنمية الحضرية والداخلية والطاقة، وأن عملية التطهير والإقالات تلك تمهد الطريق أمام ترمب لتعيين أشخاص موالين له في منصب المفتش العام في تلك الوكالات، إن أحد أهم الجوانب الملفتة في تلك الاقالات هي تلقى هؤلاء الموظفين رسائل بالبريد الإلكتروني من البيت الأبيض تخطرهم بقرار الإقالة، وتجاوز عدد الموظفين الذين تم إقالتهم(75000)موظف وهناك حوالي (220000) موظف اخر ينتظرون قرارات اقالتهم ، وهذا لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية من قبل مما جعل الكثير من الكتاب والمحليين يذهبون إلى الاعتقاد بأن الولايات المتحدة الامريكية في طريقها الى تغيرات بنيوية في النظام السياسي القائم والتحول من نظام ديمقراطي الى نظام سلطوي زبائني كما هو الحال في الكثير من الدول التسلطية في العالم.
كان من اللافت للجميع عدد الأوامر التنفيذية التي وقعها ترمب في اليوم الأول من تنصيبه في فترة رئاسته الثانية ، وخاصة تلك الأوامر التي تنظم الخدمة المدنية الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي اشتملت على تبسيط إجراءات فصل الموظفين الفيدراليين، وتقليل الضمانات المقدمة لهم، وإلغاء إمكانية العمل عن بعد لهم، وإغلاق جميع برامج الإدماج والتنوع في الوكالات الفيدرالية.
جاء انشاء إدارة الكفاءة الحكومية التي يديرها ماسك، وهي كيان يملك صلاحية على كل القطاعات الفيدرالية، كأداة لتحقيق ذلك، وقوبِلت حملة خفض الإنفاق الحكومي بردود فعل معارضة، وبحزمة من الأحكام القضائية المضادة، ورفض بعض القضاة دعوى نقابية تطالب بوقف طرد آلاف الموظفين بشكل مؤقت، وردا على ذلك قال ماسك هذا إنه سيواصل العمل مع ترمب طالما أن بإمكانه أن يكون «مفيداً» فيما قلل الطرفان من أهمية المخاوف من تضارب المصالح، نتيجة عقود ماسك الحكومية.
وكان التطور الأبرز والأهم هو ما قام به رئيس إدارة كفاءة الحكومة الأمريكية أيالون ماسك، بطلب من موظفي الحكومة الفيدرالية تقديم تفاصيل عن إنجازاتهم خلال اسبوع، وذلك بحلول ايام قليلة وإلا سيتم اعتبار عدم الاستجابة كطلب استقالة، وفي منشور له على منصة “إكس”، قال ماسك: “جميع الموظفين الفيدراليين سيتلقون قريباً بريداً إلكترونيا يطلب منهم توضيح إنجازاتهم، وذلك بعد ساعات من تأكيد الرئيس ترمب على ضرورة أن تكون إدارة كفاءة الحكومة أكثر شراسة في تقليص القوى العاملة الفيدرالية البالغة( 2.3 )مليون موظف، وقد أثار هذا القرار استياءاً واسعاً بين الموظفين، وسط جدل حول الأسس القانونية لهذا الإجراء وما إذا كان سيتم تطبيقه على الجميع بشكل عادل، وأعلن الملياردير إيلون ماسك، أنه سيتعيّن على الموظفين الفيدراليين تفسير ما يقومون به في مناصبهم، أو المخاطرة بفقدان وظائفهم، ما أثار تنديد كبرى النقابات الفيدرالية، وجاءت هذه التصريحات بعد ساعات على طلب الرئيس الأمريكي من ماسك التصرّف بـجرأة أكبر لخفض الإنفاق الحكومي.
من جانب اخر تعهّدت أكبر نقابة للموظفين الفيدراليين الاتحاد الأمريكي للموظفين الحكوميين بتحدي أي إقالات غير قانونية في بيان صادر عن رئيسها إيفريت كيلي الذي انتقد ماسك وإدارة ترمب، قائلاً: إن الخطوة تنمّ عن ازدراء مطلق بالموظفين الفيدراليين والخدمات الأساسية التي يقدّمونها للشعب الأمريكي،
وأضاف إنه أمر قاسٍ ويقلل من احترام مئات آلاف الجنود السابقين الذين يرتدون بزاتهم الثانية، من أجل الخدمة المدنية، أن يُجبروا على تبرير مهامهم الوظيفية لماسك الذي لم يقضي ساعة واحدة في الخدمة المدنية الصادقة في حياته، فيما أفاد عدد من الموظفين الفيدراليين بأنهم تلقوا نصيحة من وكالاتهم بعدم الرد على الرسالة، في انتظار مزيد من التعليمات، وهي توصية أكدها أيضاً اتحاد موظفي الخزانة الوطنية.
ومن جانب اخر أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أنه “ليس قلقا على الإطلاق” بعد أن فصلت إدارته أكثر من( 300) موظف في الإدارة الوطنية للأمن النووي، قبل أن تتراجع وتعيد كثيراً منهم، وقال ترمب للصحفيين في ولاية فلوريدا رداً على الانتقادات بشأن تأثير فصل هؤلاء الموظفين على أمن الأسلحة النووية “لست قلقا على الإطلاق من عمليات الفصل، أعتقد أنه يتعين علينا فقط أن نفعل ما يتعين علينا فعله، إنه لأمر مدهش ما يتم العثور عليه الآن، وتسببت عمليات الفصل حالة من الفوضى داخل الوكالة النووية، حيث تراجع المسؤولون عن عمليات الفصل بعد أن قدم العديد من أعضاء الكونغرس الأمريكي التماساً إلى وزير الطاقة كريس رايت للتراجع عن تلك الاقالات، موضحين العواقب الوخيمة لها على الأمن القومي الامريكي.
فيما تستمر التكهنات على أن تلك الاجراءات تشكل حرب طاحنة بين ترمب وموظفي الوكالات الفدرالية وهي اجراءات مقصودة من رئيس الولايات المتحدة الامريكية لإضعاف مؤسسات الدولة العميقة في واشنطن والتي يتهمها ترمب بانها عملت على اقصائه وسرقت الانتخابات منه في العام 2020.