
إزاحة الستار عن وكالات أنباء عالمية غير مستقلة
كتب / مهدي قاسم
كنتُ قد أشرت أحيانا ، في مقالات سابقة لي ، إلى عدم استقلالية وكالات أنباء عالمية بارزة على المستوى الدولي مثل وكالات أنباء “” أسوشيتد برس و ” رويترز ” فرانس برس ” مثلا وليس حصرا ، بأنها ليست مستقلة قطعا ، كما تدعي ، أو رُوج عنها سابقا ، مرارا و تكرارا ..
كنتُ استنتج ذلك من صياغة هذه الوكالات للأخبار ـــ خاصة حول منطقة الشرق الأوسط ـ بصيغة منحاز لجهة ما ، من أطراف الصراع وذات مقبولية غربية ، و مصاغة بشكل ذكي و غير ملحوظ جدا للقارئ العادي أو العابر ..
و كان علينا أن ننتظر طويلا إلى أن يُنتخب ترامب رئيسا للولايات المتحدة ، وبدافع الانتقام ــ ليفضح هذه الوكالات من خلال إلغاء العقود معها التي كانت تبدو و كأنها تُمنح فلها في إطار ما تسمى بالوكالة الأمريكية للإعلام العالمي، على شكل مبالغ مالية تُقدر بعشرات ملايين دولارات سنويا ..
بالطبع أن المرء ما كان ليحتاج إلى كثير من فطنة ، ليدرك في النهاية : إن ما من دولة تدفع مبالغا كبيرة بحجم ملايين دولارات ، لوكالات أنباء أو إعلام من أجل سواد عيونها الوسيعة الحلوة ، إنما تنتظر منها مقابل ذلك ، إن تقدم لها خدمات صحفية أو إعلامية ذات صياغة وميول تخدم إعلاميا المصالح السياسية للبلد المانح ..
غير إن المسألة لا تقتصر على هذا فقط ، إنما تسلط الضوء على كذبة الصحافة الحرة أ والمستقلة ، التي شاعت لعقود طويلة في أذهان الناس وكادت أن تترسخ أيضا بخصوص الصحافة الحرة في الغرب ، والتي طالما تشدقت بها إدارات أمريكية و كذلك حكومات غربية سابقة ، زيفا و تضليلا عن استقلالية الصحافة و الإعلام هناك .
بينما الواقع ، بالأحرى الحقيقة تقول إن هذه الوكالات العالمية للأنباء حالها في ذلك ، لا تعدو أن تكون حالة مومس في قارعة الطريق تقدم خدماتها أو بضاعتها لأي واحد يدفع لها بوفرة و جزالة ..