
رباعية المفاوضات الأمريكية الإيرانية..!
كتب / د. علي المؤمن ||
رغم أن كل العالم يتطلع غداً إلى مسقط، حيث تبدأ جولة المفاوضات الجديدة بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، إلا أن يومها الأول سيكون مجرد جس نبض واختبار متبادل للنوايا، بالنظر لانعدام الثقة بين الطرفين وارتفاع سقف توقعاتهما ومطاليبهما المعروفة، والتي ستطرح بشكل رسمي عبر الوسيط العماني،
ولن يسفر اليومان الأول والثاني عن وضوح في الرؤية.. لا سلباً ولا إيجاباً. ولذلك؛ ستطرح وسائل الإعلام كمّاً هائلاً من التكهنات حول شكل المفاوضات ومضامينها ومساراتها ومآلاتها، وسيتناولها المحللون القريبون من أحد الطرفين أو المخاصمون لهما أو المحايدون، كلٌ حسب مزاجه، دون أن تكون لديهم معطيات حقيقية، ما يعني أننا سنكون غداً أمام أكثر نشرات الأخبار ازدحاماً بالحدس والخيال والأمنيات، واستخداماً لمفردات: ربما، لعل، من المحتمل، من المتوقع، من المرجح. يبدو، يظهر، من الممكن.
ستطول المفاوضات أسابيع وربما أشهر، ولا شك أن نجاحها، سيكون لمصلحة الطرفين والعالم أجمع، باستثناء (إسرائيل) التي تتنفس الحروب وتعتاش على الفتن والتوترات والمشاكل. وستكون بلدان المنطقة، وخاصة الخليجية، في مقدمة المستفيدين من نجاح المفاوضات، رغم أن بعض حكامها الأغبياء يتمنون فشل المفاوضات، ويحرضون أمريكا وإسرائيل على شن الحرب على إيران، والحال؛ أن البلدان الخليجية ستكون أكثر من يحترق بنيران الحرب فيما لو اندلعت.
نجاح المفاوضات، وهو احتمال وارد، لا يعني الصلح وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين أو تصفير الخلافات، وإنما يعني تجميد الخلافات وإعادة تعريفها، وتقليل نسب اندلاع الحرب إلى أدنى حدودها، ووقف خطاب التهديد؛ لأن تصفير الخلافات بين إيران وأمريكا أمر مستحيل، بالنظر لعمقها وتجذرها في الواقع العقيدي والسياسي وفي شبكة المصالح.
فشل المفاوضات، وهو احتمال وارد أيضاً، لا يعني اندلاع الحرب بين أمريكا وإسرائيل من جهة وإيران وحلفائها من جهة أخرى، ولا يعني قدرة أمريكا على إسقاط الجمهورية الإسلامية وزعزعة كيانها وإنهاء وجود الكيانات الشيعية في البلدان الأخرى؛ كلبنان واليمن والعراق؛ فهذا أمر مستحيل، ولن يحصل حتى لو استمر الصراع مائة عام؛
لأن الاقتدار الشيعي العقيدي والسياسي والعسكري والعلمي قوي بما لا يمكن لغير المطلعين تصوره، وإنما يعني فشل المفاوضات تشديد الحصار الاقتصادي والمعيشي على إيران وحلفائها الشيعة، وتحريك الجماعات المحلية ضدهم، والعودة إلى خطاب التهديد والتصعيد وتبادل الاتهامات، وصولاً إلى تبادل الضربات العسكرية المباشرة وغير المباشرة بين الطرفين.