تركيا تدرب ميليشيات عراقية..لماذا؟!
كتب / سالم مشكور
بأسلوبه العفوي والصريح قال الرئيس الأميركي ترمب للرئيس التركي أردوغان: أنت من فعل ذلك بسوريا.
ولم تنفع معه محاولات الانكار حتى اعترف له أخيرا بذلك.
ما فعلته تركيا في سوريا ليس مشروع بسط نفوذٍ يتوقف عند حدود سوريا، بل هو جزء من مشروع طموحِ تركي بدأ بُعيد غزو الكويت العام ١٩٩٠.
حينها بدأ الرئيس التركي آنذاك تورغوت أوزال الحديث عن إمكانية استعادة تركيا لولاية الموصل، مستنداً الى مقال ظهر في مجلة “ناشنال ريفيو” الأميركية ورد فيه أن ضم الموصل الى العراق من قبل عصبة الأمم كان مشروطاً بإعطاء االكرد في الموصل حقوقهم وإن الحكومة العراقية أخلت بهذا الشرط وبالتالي من حق تركيا استعادة الموصل. حينها بدأ أوزال يغازل الكرد،
ولأول مرة استخدم هذه التسمية بدل “أتراك الجبل” التي كانوا يطلقونها عليهم. فكرته كانت أن الضم قد يكون بأسلوب اتحاد فدرالي أو كونفدرالي، يتبع ذلك ضم الاكراد في سوريا وايران الى تركيا بنفس الأسلوب،
ثم تتبعها مناطق أخرى. عرف هذا المشروع بخريطة أوزال التي تضمنت تقسيم العراق الى ثلاث مناطق هي مناطق الكرد والتركمان والعرب بعدها يجري ربط مناطق التركمان والكرد بتركيا .
كان الدافع الاخر لهذا الحلم المتجدد هو الخوف من فراغ أمني يحدث شمال العراق بسبب انسحاب الحكومة العراقية منه مما قد يدفع ايران الى ملئه. هناك تنافس دائم على النفوذ في المنطقة بين تركيا وايران. عندما وصلت حكومة حزب العدالة والتنمية، الى الحكم، قام أحمد داوود أوغلو، الذي بدأ وزيرا للخارجية، بتطوير هذه الفكرة الى احياء الفكرة من خلال محاولة تقليد منظومة الكومنولث التي تضم المستعمرات البريطانية السابقة. كان يتساءل: لماذا لا يكون لتركيا مركزية في تجمع يضم ٤٥ دولة كانت تحت حكم الإمبراطورية العثمانية.
اختلف داوود أوغلو مع أردوغان واستقال لكن المشروع الذي طوره بدأ تنفيذه على يد الأخير.
البداية كانت مد النفوذ داخل إقليم كردستان العراق بعد ٢٠٠٣، حتى بات الإقليم، خصوصا أربيل ودهوك، منطقة نفوذ تركي أمني وسياسي واقتصادي. وفي وقت كان الجانب التركي يرفض حتى مشروع الحكم الذاتي عام ١٩٧٥، أخذ يعترف بالاقليم ويتعامل معه كدولة مستقلة، مستغلاً خلافه مع المركز، فكبّله باتفاقيات نفطية مجحفة مع شركات تركية تابعة للحزب الحاكم، ولم يعد يخشى حتى من استقلال الإقليم كونه سيصبح مرتبطاً بتركيا.
بعد دخول داعش للموصل وكركوك كان الموقف التركي غامضاً، بل أن القنصلية التركية في الموصل بقيت تعمل دون التعرض لها، بعدها شاهدنا فيلم احتجاز موظفي القنصلية من قبل داعش ومن ثم الافراج عنهم، فيما يؤكد سياسيون من الموصل أن حكومة أربيل عرضت نقل الموظفين بطائرة خاصة لاخراجهم من الحصار لكن القنصل التركي رفض.
بعدها عرضت تركيا تدريب شباب موصلي للمشاركة في تحرير الموصل وتم تخصص مركز تدريب في بعشيقة لهذا الغرض لكن التدريب تطور الى دفع ثلاثة ألوية تركية باتجاه العمق العراقي واستقرارها في هذا المعسكر الذي تحول الى قاعدة عسكرية تركية متقدمة لا يجرؤ مسؤول عراقي الاقتراب منه. وحاليا يضم المعسكر الاف الموصليين المدربين لمهمة لا أحد يعرف شيئا عنها، واللافت – حسب مصادر موصلية – ان رواتب الف منهم يدفعها الحشد فيما تتولى دولة خليجية رواتب الباقين، علماً أن أياً منهم لم يشارك في تحرير الموصل.
وفي كركوك تم تشكيل درع كركوك من قوات محلية تتدرب على يد تركيا وهي في وضع غامض ومرجعية تجمع بين تركيا والحشد بما يمكن اعتباره اختراقا تركيا للحشد.
السؤال الذي كان يحيّر كثيرين هو: لماذا يوجد هؤلاء وداعش اندحرت منذ سنوات؟.
بعد أحداث سوريا بترتيب تركي بات الجواب واضحا على السؤال السابق، فلم يعد هناك شك من أن سوريا كانت مرحلة ثانية من مشروع إقامة مناطق النفوذ التركي في المنطقة، وإن مناطق الموصل وكركوك ربما تكون المرحلة القادمة خصوصا وان أوامر تركية صدرت لإضافة ثلثمائة عنصر جديد الى قوات درع كركوك.
هل نتحرك لمنع ما قد يجري أم نبقى في غفلتنا حتى تقع الواقعة؟