هوان الاطار جعلهم مطمعا للصغار..!
كتب / محمود الهاشمي
على الرغم من حجم الوصايا والتحذيرات التي اطلقها البعيد والقريب لقادة الاطار ان يعيدوا انتاج احزابهم من جديد بعد ان علاها الطمى وتكدس عليها الغبار وماعادت مكائنها صالحة للعمل الاّ انهم (جعلوا اصابعهم في اذانهم واستغشوا ثيابهم واستكبروا استكبارا )وقرروا ان يشيخوا في صوامعهم والتآكل بين الجدران على ان لايتبصروا في مصير وتاريخ الحزب الذي التحقوا به شبابا وافنوا حياتهم بالمهاجر وعانوا شظف العيش وقسوة الغربة وملاحقة السلطات المستبدة فيما كانت ماكنة القتل والترهيب والمطاردات والمقابر الجماعية تلاحق زملاءهم كل حين .. حين عادوا لبلدهم لم يملكوا برنامجاً لبناء وطنهم بل اختلطت عليهم الاحداث بين
قوات أجنبية محتلة وبين زرافات الارهاب التي دخلت الحدود وبات الموت والتفجيرات والصراع الطائفي جزء من يوميات الشعب ونزاع الحكومات .. رغم كل ذلك وضبابية المشهد السياسي لدى الأحزاب الجهادية العراقية الاّ ان تطور المقاومة بالعراق وتمكنها من قتل الالاف وجرح اضعاف أضعافهم من قوات التحالف الاميركي الغربي شجع الكثير من اصحاب الحكمة والمشورة ان يثنوا على هذه الروح الجهادية للاحزاب المتصدية بطرد قوات الاحتلال عام ٢٠١١ ثم بعد ذلك طرد الارهاب والارهابيين من الدواعش وتطهير ارض العراق من دنسهم لكن مشكلة الاحزاب التي تملك تاريخا جهاديا متميزا بقيت تراوح مكانها وكلما تقدم بها (السن )فقدت حيويتها وباتت ترى بالنخب المثقفة (ثقلاً)عليها كونهم مافتئوا ليل نهار يذكرون بالجهاد والوطن والبناء والاعمار والقضاء على البطالة والفساد الاداري والمال والابتعاد عن التدخل الاجنبي والعمل على صناعة هوية للبلد .
تشكلت لدى الاحزاب الجهادية بطانة (سميكة )من المحترفين في الحصول على (المال السريع )وبالدخول في عقود(مظلمة )كما ادخلوهم في وهم (الانتصار)و(التفوق)
حتى تكلست العقول وتوقفت عن التفكير وبتنا نلتقي -كمحللين سياسيين -ونخب القيادات من عام لعام ومع اول جلوسنا ينطلق صوت لاحد البطانة (رجاءًالتحدث لمدة دقيقة ونصف لمن يرغب التحدث)!
لا اعرف من الذي صمم هذا الفهم بان المحلل السياسي بامكانه ان يوجز ملفا بالشأن السياسي او الاقتصادي او الامني ب(دقيقة ونصف )؟
بات لدى قادة الاحزاب هذه فهم انهم (اكبر من ان بتقبلوا نصيحة من احد )وان من يحضر لديهم عليه ان يوميء براسه بالايجاب ويردد (القول ماقاله الامير ). كويذهب.!
هذا التكلس بالعقلية مازال يصغّر من احجامهم حتى تحولوا الى مجرد (خيط رفيع )في التجربة السياسية ويبدأ حراكهم مع اقتراب موعد الانتخابات ليقفوا عند ذات التوجهات؛-
١-العمل على تغيير قانون الانتخابات بالشكل الذي يضمن لهم البقاء بالسلطة .
٢-العمل في الحصول على الحد الادنى من مقاعد البرلمان لضمان امكانية حصولهم على وزارة او (دكان )يسترزقون منه
٣- لما كان قانون الانتخابات غير معني بنسبة المشاركة بالانتخابات لذا تحاول هذه الاحزاب ضمان قدر من الانصار يكفي لمقاعد محدودة وكفى بها هدفا للبقاء .
٤-هذا (الهوان )لدى هذه الاحزاب شجع الدول الاجنبية ان تتدخل اكثر وان تشتري كتلا اجتماعية متنوعة لضمان وصول شخصيات تعمل لصالحهم ،مثلما شجع العناصر (الصغيرة )ان تطمع بالمناصب العليا معلقةً امالها على خلافاتهم وصراعاتهم وصغر برامجهم وقصور تفكيرهم ليختاروا شخصية (وسطية) تتدحرج بين الكتل ..
الانتخابات التشريعية المقبلة وهوان الاحزاب التقليدية
١-هذه الانتخابات هي الاكثر تدخلال اجنبيا من جميع الانتخابات السابقة ..
٢-هذه الانتخابات هي الاكثر
مالا سياسيا وشراءً للاصوات حيث تحول الصوت الانتخابي من صوت يمثل عمق التجربة الديمقراطية بالبلد الى سوق لمن يدفع اكثر،مستفيدين من عزوف الناس عن المشاركة فيسهل شراء اصوات الفقراء.
٣-المفوضية اعلنت ان (٨٠)حزبا من هذه الاحزاب ابدت الرغبة في المشاركة بالانتخابات التشريعية المقبلة وهناك (٧٠)حزبا قيد (التأسيس)حاليا ويبقى هذا الامر دون تعليق ليصطرع الجميع على (ماتبقى )من البلد.
٤-ليس غريبا ان نجد ان هذه الاحزاب تختار الاضعف من تشكيلاتها للترشيح للانتخابات ليكونوا تحت امرتهم ..
٥-مايصح على احزاب (الشيعة ) يصح على (السنة )فقد تجمدت الاحزاب وباتت في هوان مستمر .
ختاما اقول ان الاحزاب التي لها تاريخ جهادي طويل وتضحيات جسام لايجوز لاحد ان يحتكر تاريخها وتضحياتها وان يفرط
بمجدها وان يختزل الحزب في الابناء والأحفاد والاقارب والاصهار ولا ولا ولا لان في ذلك مضيعة لارث الامة وقدسية الدماء التي اختارت الموت على ان لاتخسر عقيدتها