واشنطن تُنذر وبغداد تُنكر.. خارطة الخوف تُرسم عن بُعد وقرار الدولة في إجازة

المعلومة / تقرير..
مرة أخرى، تصدر وزارة الخارجية الأمريكية تحذيراتها المتكررة بشأن الوضع الأمني في العراق، داعيةً الموظفين غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم إلى مغادرة البلاد، مستندةً في ذلك إلى مخاطر أمنية متزايدة. وفي كل مرة، تتخذ واشنطن لهجة عالية النبرة في إنذاراتها، بينما تلتزم بغداد بالنفي القاطع، وترفض وجود تهديدات تستوجب القلق، دون أن تقدم توضيحات كافية أو رواية مقنعة للرأي العام، رغم أن الوضع الأمني يبدو مستقراً ولا يعاني من اختلالات.
وسط هذه التناقضات، تتشكل خارطة الخوف من بعيد، عبر واشنطن التي تستغل هذه التحذيرات كأداة ضغط سياسية تستهدف إيران، بغرض فرض شروطها في المفاوضات. غير أن هذه اللعبة السياسية تُدار دون مشاركة عراقية فعالة، سواء في الرد أو في محاولة تصحيح الصورة. تملأ التحذيرات الأجنبية الأجواء، بينما تظل الدولة العراقية غائبة عن المشهد، أو تكتفي بالصمت، كما لو أن قرارها قد أخذ إجازة، في وقت تتطلب فيه حساسية المرحلة خطورة التعامل مع مثل هذه الرسائل.
غياب ردود الفعل الرسمية المدروسة يعزز الانطباع بأن الأمن العراقي يُدار من خارج غرف القرار الوطنية، وأن صورة البلاد تُعاد صياغتها بأقلام خارجية. وبين إنذارات واشنطن وإنكار بغداد، يبقى المواطن العراقي الحلقة الأضعف، يتأرجح بين الخوف والتساؤل: من يملك الحقيقة؟ ومن يملك الجرأة ليقولها؟
وبالحديث عن هذا الملف أعرب النائب باسم الغريباوي عن رفضه لبيان وزارة الخارجية الأمريكية الذي تضمن إشارات مبطنة بشأن الأوضاع الأمنية في العراق وقرار إجلاء بعض موظفي السفارة الأمريكية في بغداد.

• 

 

ويقول الغريباوي في تصريح لوكالة / المعلومة /، إن "ما ورد في بيان الخارجية الأمريكية يُفهم على أنه تهديد مبطن للعراق، ويتعارض مع مبادئ السيادة والاحترام المتبادل بين الدول"، مشدداً على أن الوضع الأمني في البلاد "لم يشهد خلال الفترة الأخيرة أي تصعيد أو اعتداء يمكن أن يبرر هذه الخطوة من قبل واشنطن".
ويضيف أن "العراق اليوم يعيش حالة من الترقب، وهناك التزام عام بالتهدئة، ولم تسجل أية هجمات أو خروقات في محيط السفارة الأمريكية، ما يدعو للتساؤل عن دوافع التصعيد الأمريكي في هذا التوقيت".
ويوضح أن "البيان الصادر عن واشنطن لا يمكن اعتباره بمعزل عن التحركات الإقليمية والمفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران"، مضيفاً أن "هذا البيان يُفهم على أنه أداة ضغط تمارسها واشنطن لدفع طهران إلى الاستجابة لمطالبها".
وينتقد الازدواجية في التعامل الأمريكي مع الوضع العراقي، متسائلاً: "لماذا التركيز على بغداد ومطارها؟ ولماذا لا تصدر مثل هذه التحذيرات تجاه أربيل؟"، مرجحاً أن هناك "تنسيقاً خاصاً بين واشنطن وحكومة إقليم كردستان، تدعمه تصريحات مسؤولين أمريكيين تؤكد دعمهم للأكراد في العراق".
ويدعو الحكومة إلى "اتخاذ موقف واضح يراعي مصلحة البلاد العليا ويجنبها أي تبعات سلبية"، محذراً من "استمرار المخططات الأمريكية التي قد تزعزع استقرار المنطقة".
يُذكر أن وزارة الخارجية الأمريكية كانت قد أصدرت بيانًا دعت فيه الموظفين غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم إلى مغادرة كل من البحرين والكويت والعراق، وذلك نظرًا لوجود مخاطر أمنية متزايدة في العراق. انتهى 25د