هيمنة أمريكية تهدد استقلال العراق العسكري.. والحلول غائبة
18 حزيران 20:15
المعلومة/ تقرير.. بين تصاعد التحديات الأمنية في المنطقة وتنامي المخاطر الناجمة عن الصراعات الإقليمية، لا يزال العراق يفتقر إلى منظومة متكاملة لإدارة أمنه الوطني واستقلال قراره العسكري. فعلى الرغم من مرور أكثر من عقدين على التغيير السياسي، لم يتمكن العراق حتى الآن من امتلاك قراره السيادي الكامل في ملفات حيوية، على رأسها الأمن والدفاع والتسليح. إذ تفرض الولايات المتحدة حضورًا كثيفًا ومتشعبًا في المشهد الأمني العراقي، يتحكم ليس فقط في المجال الجوي، بل يمتد إلى توجيه بوصلة التسليح وإعادة تشكيل الجيش وفق رؤى ومصالح تتقاطع أحيانًا مع أولويات العراق الوطنية. وفي ظل هذا الواقع، يعيش الجيش العراقي حالة من التبعية غير المعلنة، وسط غياب مجلس موحد للقيادة العامة للقوات المسلحة، وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام تدخلات خارجية وهيمنة مباشرة على مفاصل القرار العسكري. ويزداد القلق الشعبي والسياسي من استمرار هذه الهيمنة، خصوصًا بعد الحديث المتكرر عن منع العراق من تنويع مصادر تسليحه، وإبقائه مرتبطًا بصفقات وموافقات خارجية، تُخضع قدراته الدفاعية لإرادة دول لا تشارك العراق همومه الأمنية ولا تضع استقراره على رأس أولوياتها. * هيمنة أمريكية وفي هذا السياق، اتهم عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي البنداوي، الولايات المتحدة الأمريكية بالتحكم الكامل بالأجواء العراقية ومنع بغداد من الحصول على منظومات دفاع جوي متطورة، ما يجعل العراق مكشوفًا أمام الاعتداءات الخارجية، خاصة من قبل الكيان الصهيوني. وقال البنداوي في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن "الولايات المتحدة تعارض بشدة محاولات العراق لتأمين منظومات دفاع جوي متطورة من دول أخرى، رغم الحاجة الماسة إليها لحماية السيادة العراقية من الانتهاكات المتكررة", مشيرا الى أن "الأجواء العراقية ما تزال تحت السيطرة الأمريكية، وهو ما يُعد انتقاصًا واضحًا من السيادة الوطنية". وأضاف أن "واشنطن لا ترغب في خروج العراق من دائرة نفوذها، وتعمل على إبقاء قراراته العسكرية والسيادية مرهونة بإرادتها"، لافتًا إلى أن "السماح للطيران الإسرائيلي باستخدام الأجواء العراقية أو الأراضي الخاضعة لنفوذ أمريكي لتنفيذ ضربات ضد أهداف إيرانية يمثل انتهاكًا صارخًا للدستور العراقي". وطالب البنداوي الحكومة العراقية بـ"اتخاذ موقف حازم تجاه هذه التدخلات التي تهدد الأمن الوطني، والعمل بجدية لتفعيل منظومة دفاع جوي متكاملة تحمي الأجواء العراقية من أي خروقات".
* قيادة موحدة إلى ذلك دعا الخبير الأمني هشام الدراجي، إلى إعادة تشكيل مجلس القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية، مؤكدًا أن العراق يفتقر حاليًا إلى مجلس موحد وقوي يقود الجيش وينهي هيمنة قوى خارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، على ملف تسليح وتطوير الجيش. وقال الدراجي في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن "الظروف الإقليمية الراهنة تفرض على العراق ضرورة إعادة النظر في هيكل القيادة العسكرية، خصوصًا في ظل السيطرة الأمريكية الواضحة على ملف تسليح الجيش، وهو ما يقيد استقلالية القرار العسكري الوطني"، مشيرا الى أن "أول خطوة بعد تشكيل المجلس يجب أن تكون إعادة بناء الجيش بالكامل على أسس وطنية، بعيدًا عن التبعية للمصالح الخارجية، خاصة الأمريكية". وأضاف أن "تأسيس عقيدة عسكرية موحدة للجيش هو أمر بالغ الأهمية، حيث إن القوات المسلحة العراقية حالياً تفتقر إلى عقيدة ثابتة وواضحة، وهذا يضعف من قدرتها على مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة", موضحا أن "تنويع مصادر تسليح الجيش هو ضرورة استراتيجية، فاعتماد الجيش على مصدر واحد فقط للتسليح يمثل خطأً كبيرًا ويعرضه للمخاطر". وأضاف الدراجي أن "إعادة هيكلة الجيش وإرساء عقيدة وطنية مستقلة سيعزز من قدراته الدفاعية ويسهم في حماية السيادة الوطنية بشكل أفضل"، مشددا على "تشكيل مجلس القيادة العامة للقوات المسلحة المكون من قيادات عسكرية ومسؤولين رفيعي المستوى، بدل قيادة العمليات المشتركة التي يديرها شخص واحد". استمرار الهيمنة الأمريكية على مفاصل التسليح والقرار العسكري في العراق لا يمثّل فقط انتقاصًا من السيادة، بل يُعدّ عائقًا حقيقيًا أمام بناء قوة وطنية مستقلة قادرة على حماية البلاد من التهديدات المتزايدة. التحرر من هذا النفوذ لم يعد خيارًا سياسيًا، بل ضرورة استراتيجية تفرضها المصلحة الوطنية، خاصة في ظل التحديات الإقليمية المتغيرة وسعي الشعوب إلى امتلاك قرارها السيادي بعيدًا عن الوصاية الأجنبية. انتهى25ز
