تبجحات بلا ماء.. محمود المشهداني يبيع الوهم في سوق العطش

المعلومة / خاص ..
في ظل أزمة مياه خانقة يعاني منها العراق منذ سنوات، خرج رئيس البرلمان محمود المشهداني بتصريحات مثيرة للجدل، متباهياً بأنه هو من "أقنع" تركيا بإطلاق حصة مائية باتجاه نهري دجلة والفرات، وكأن هذا الملف السيادي والوجودي بات إنجازاً شخصياً يُشكر عليه، لا حقًا قانونيًا من حقوق العراق الطبيعية والتاريخية.
لكن الحقيقة جاءت على لسان وزارة الموارد المائية العراقية نفسها، والتي نفت وجود أي إطلاقات جديدة تُذكر، مؤكدة أن ما تم ضخه لا يتعدى "نقاط الترقيع"، ولا يُلبي 10% من احتياجات العراق الفعلية، لا للزراعة ولا للاستهلاك البشري.
*الماء.. كذبة إعلامية وليست إنجازًا دبلوماسيًا
أدلى المشهداني بتصريحات عبر منصات إعلامية قريبة من مكتبه الإعلامي، مدعيًا أنه نجح في التوصل إلى تفاهمات "تاريخية" مع الجانب التركي خلال زيارة رسمية ترأسها، برفقة وفد من كتل سنّية، قيل إنها ذهبت لاستجداء الدعم التركي قبيل الانتخابات ولمناقشة الملف المائي لكن الوثائق والتصريحات الرسمية من وزارة الموارد، وحتى تقارير الأقمار الصناعية عن مناسيب دجلة والفرات، كشفت زيف هذه الادعاءات، وأكدت أن الواقع على الأرض لم يتغير قيد أنملة.

• 

*رحلة ملايين الدولارات.. لم تأتِ بالمرجو
تكاليف الرحلة التي قادها المشهداني ووفده البرلماني إلى تركيا، قدّرت بالملايين من الدولارات، شملت مصاريف إقامة فندقية، وتأمين، ونثريات، وتذاكر سفر من الدرجة الأولى. لكن ما جرى فعليًا لم يكن أكثر من استعراض علاقات عامة رخيصة، بلا مضمون ولا نتائج، فكيف لدولة تمر بأزمة مياه خانقة أن تُنفق الملايين على زيارة ترويجية بلا جدوى؟
أين هي مخرجات الاتفاق؟ 
وفي هذا الشأن أكدت لجنة الزراعة والمياه النيابية، أن الحكومة التركية لا تتفاعل مع بغداد في ملف معادلة المياه، مشيرة إلى أن أكثر من 30 منطقة في العراق دخلت مرحلة الجفاف الشديد.
وقال عضو اللجنة، النائب ثائر الجبوري، في حديث سابق لـ/المعلومة/، إن "القوانين الدولية تُنصف الدول التي تتشارك بالأنهار، من خلال معادلة عادلة لتوزيع المياه، بما يضمن العدالة لجميع الأطراف"، مبيناً أن "المياه تمثل شريان الحياة، ولا يحق لأي دولة أن تمنع تدفقها عن دولة أخرى بحجج بناء السدود."
وأضاف أن "العراق يتعرض لموجة جفاف حادة، وأن هناك أكثر من 30 منطقة تضم مئات الآلاف من السكان، دخلت فعلياً مرحلة الجفاف الشديد، وخاصة في مناطق جنوبي البلاد"، مشيراً إلى أن "أنقرة لا تلتزم بمعادلة المياه الدولية، وأن جميع تعهداتها بزيادة الإطلاقات لم تُنفذ حتى الآن، رغم أن النشاط الاقتصادي بين بغداد وتركيا يتجاوز 20 مليار دولار سنوياً."
واوضح أن "ملف المياه بات من الملفات الخطيرة جداً، ويستدعي إعادة نظر من قبل الحكومة المركزية في آلية التعامل مع تركيا بشأن هذا الملف الحساس."
*فشل ذريع في إدارة البرلمان.. يغلفه تضخيم إعلامي مفضوح
من الواضح أن تصريحات المشهداني جاءت لتغطية الإخفاق الواضح في أداءه السياسي والبرلماني، وسط شلل واضح في عمل المجلس، وعجزه عن تمرير قوانين استراتيجية، أو مراقبة تنفيذ البرامج الحكومية، خصوصاً في ملف الخدمات، والنزاهة، والمياه.
ويبدو أن المكتب الإعلامي للمشهداني يحاول يائسًا رفع أسهمه إعلاميًا من خلال صناعة "بطولات وهمية"، وترويج صورته كمنقذ للعراق، في حين أن الحقيقة تقول عكس ذلك.

• 

*المشهداني لا يصلح أن يدير روضة.. فكيف يدير برلماناً؟
بعيداً عن المجاملات السياسية، لا يمكن لرجل بمستوى أداء محمود المشهداني أن يُعوّل عليه في قيادة مؤسسة تشريعية تُعد الركن الأهم في النظام السياسي العراقي، فكما قال أحد نواب البرلمان بصراحة "لو كان في الطارمية روضة بلا معلمات، فالمشهداني لا يصلح حتى لإدارتها". فكيف يُترك له ملف مصيري كالمياه، وكيف يتم تصدير فشله كـ"إنجاز دبلوماسي"؟
*العراق لا يحتاج إلى خطابات.. بل إلى أفعال
إن ما نحتاجه اليوم هو مواجهة صارمة مع تركيا عبر القنوات الدبلوماسية، وربط الملفات السياسية والاقتصادية بالملف المائي، بدلاً من إرسال وفود هزيلة تتفاخر بنتائج غير موجودة ، ولن يتحقق الأمن المائي للعراق إلا من خلال دولة قوية وموقف وطني واضح، لا عبر استعراضات فردية لا تُسمن ولا تُغني من عطش.انتهى / 25