لماذا يُشيطن الحشد ويُغضّ البصر عن مليشيات البرازاني وعصابات النجيفي؟
31 تموز 15:46
المعلومة / خاص ... في ظل الأزمات الأمنية والسياسية التي تمر بها العراق، تجد الحكومات المتعاقبة نفسها بين مطرقة الضغوط الدولية وسندان التحديات الداخلية. ومن بين الملفات الحساسة التي تثير الجدل في الساحة العراقية، تبرز ظاهرة شيطنة الحشد الشعبي، مقابل غض الطرف عن العديد من الجماعات المسلحة الأخرى، سواءً في إقليم كردستان أو في مناطق أخرى من العراق.
الحشد الشعبي.. درع الوطن أم أداة للتآمر؟ الحشد الشعبي، الذي تشكل بعد فتوى الجهاد الكفائي عام 2014، لعب دوراً حاسماً في محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي واستعادة الأراضي العراقية التي كانت تحت سيطرة التنظيم،ورغم الدور الكبير الذي قام به الحشد في حماية العراق وأراضيه، إلا أنه منذ فترة طويلة أصبح هدفاً لاتهامات متكررة من قبل وسائل الإعلام المحلية والدولية.
البيشمركة: مليشيا تابعة للبرازاني، وماذا عن الأوامر العسكرية؟ بينما يتم شيطنة الحشد الشعبي، يتجاهل الكثيرون المليشيات الأخرى مثل البيشمركة، التي هي، في الواقع، قوات تابعة لحكومة إقليم كردستان تحت قيادة مسعود البرازاني، وهذه القوات لا تخضع لأوامر القائد العام للقوات المسلحة ولا يمكن للحكومة العراقية أو رئيس الأركان تحريك جندي واحد من صفوف البيشمركة. يكاد يكون دور البيشمركة محصورا بشكل كبير في تأمين مصالح حكومة إقليم كردستان فقط، ولا تساهم بشكل فعّال في تعزيز الأمن الوطني العراقي، خصوصاً في المناطق المتنازع عليها، وهذه القوات، التي تتلقى دعماً كبيراً من الخارج تسليحا وتجهيزا ، لا تخضع لسلطة الحكومة العراقية المركزية، مما يضع تساؤلات كبيرة حول شرعيتها ودورها في تعزيز الاستقرار
معسكر زيلكان.. هل تمثل مليشيات النجيفي تهديداً حقيقياً؟ في الوقت الذي تشتد فيه الهجمات ضد الحشد الشعبي، نجد أن معسكر زيلكان، الذي يقع في إقليم كردستان ويضم قوات تابعة لزعيم الحزب الموحد أسامة النجيفي، يظل بعيداً عن دائرة الضوء، هذا المعسكر، الذي يحظى بدعم من قوى خارجية، ليس فقط خارج نطاق السيطرة العراقية، بل يشكل أيضاً تهديداً للأمن الوطني.
يعد هذا المعسكر أحد النماذج الواضحة على وجود مليشيات تابعة لجهات سياسية بعينها، والتي تستفيد من عدم المساءلة أو المحاسبة، بينما تُركز الحملات الإعلامية على الحشد الشعبي الذي أثبت ولاءه للعراق وحكومته المركزية.
وفي هذا الجانب أكد المراقب السياسي هيثم الخزعلي، أن معظم القواعد العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية تضم مجاميع مسلحة عراقية تشكل تهديداً مباشراً للأمن الداخلي، لافتاً إلى أن عدد هذه القواعد يقدر بنحو 15 قاعدة، من بينها معسكر زليكان الذي يقوده أسامة النجيفي. وقال الخزعلي في تصريح لوكالة /المعلومة/، إن "الوجود العسكري التركي على الأراضي العراقية يقدم دعما عسكريا لعناصر في معسكر زليكان، والذي يحتضن مجاميع مسلحة عراقية تعمل خارج إطار الدولة، وتتبع أسامة النجيفي . وتشكل هذه العناصر تهديداً للأمن الداخلي"، مشيراً إلى أن "من يرفع شعار حصر السلاح بيد الدولة عليه أن يبدأ بتفكيك هذه المجاميع من البيشمركة وبعضها تلك التي تحتمي بالقوات التركية وتتحرك خارج السياقات الرسمية ، حيث لا يمكن ان يكون النظر بعين واحدة عوراء".
شيطنة الحشد الشعبي إحدى التفسيرات الواضحة لهذه الحملة ضد الحشد الشعبي تكمن في الدور الاستراتيجي الذي يلعبه هذا التشكيل العقائدي في مواجهة المخططات الأمريكية وغيرها من القوى الإقليمية والدولية، فالحشد الشعبي، ومنذ تأسيسه، كان له دور في رفض الهيمنة الأمريكية على العراق.
لماذا السكوت؟ إن السؤال الذي يطرح نفسه بوضوح هو "لماذا يتم التركيز على شيطنة الحشد الشعبي دون غيره؟ لماذا تُغضّ النظر عن مليشيات تابعة لحكومة إقليم كردستان أو جماعات تابعة لأسامة النجيفي في معسكر زيلكان وغيرها ؟
الجواب قد يكون مرتبطاً بمصالح إقليمية ودولية، إذ أن الحشد الشعبي يقف عقبة أمام بعض المخططات الأجنبية في المنطقة، في حين أن المليشيات الأخرى قد تخدم أجندات أخرى، وفي النهاية، يبقى العراق هو الضحية الحقيقية لهذه التوترات، حيث يحتاج إلى تكاتف الجميع، بعيداً عن الانقسامات والمصالح الخاصة، لتحقيق الأمن والاستقرار. انتهى / 25
