إصلاحات فارغة وتقييم غير موضوعي.. محاصصة السوداني تُرسّخ الفشل الإداري وبقاء الفاسدين في السلطة

المعلومة / خاص..
على الرغم من الإصلاحات المعلن عنها في حكومة محمد شياع السوداني، لا تزال هناك العديد من الملاحظات السلبية حول تقييم المناصب الحساسة في الدولة العراقية، من خلال الأرقام التي تم الإعلان عنها، نجد أن أكثر من 1135 عملية تقييم أُجريت، ولكن السؤال الأبرز هو" هل هذه التقييمات حقيقية وموضوعية؟ أم أنها مجرد محاولة لتجميل الصورة في وقت حساس، خاصة في ظل استمرار المحاصصة السياسية التي تكبل قدرة الحكومة على تحقيق التغيير الفعلي؟

وفي الوقت الذي تُعلن فيه الحكومة عن تقييمات لمناصب "مدير عام فما فوق"، إلا أن الواقع يشير إلى أن العديد من هؤلاء المسؤولين قد ظلوا في مواقعهم لفترات تتجاوز الـ15 عامًا، وهذا يعكس عجز الحكومة عن إحداث تغيير حقيقي في الجهاز الإداري، بسبب المحاصصة المقيتة هي التي تضمن بقاء هؤلاء المسؤولين في مناصبهم، وهذا يجعل عملية التقييم غير مجدية.

وبالرغم من التعديلات المُعلنة في الأرقام، إلا أن التقييمات التي تحدث في المناصب العليا لا تبدو كأنها تعكس فعلاً تقييمًا مهنيًا موضوعيًا، ومن بين أبرز النقاط التي تم الإشارة إليها في البيان الذي بثه مكتب السوداني اليوم ، نجد أن 41 مديرًا تم إعفاؤهم و89 آخرين تم إنهاء تكليفهم، هذه الأرقام قد لا تعكس فعلاً التغيير الذي كان متوقعًا من حكومة السوداني، خاصة في ظل بقاء بعض الوجوه القديمة في مناصب حساسة لأسباب تتعلق بالمحاصصة.

• 

وفي إطار محاولات السوداني لإرضاء القوى السياسية الكبرى، نجد أن الحكومة قد وُزّعت المناصب على أساس حسابات انتخابية ضيقة، حيث يلاحظ أن هناك تحيّزًا واضحًا لصالح الكتلة السنية والكردية، بينما الكتلة الشيعية تتعرض لإقصاء ملحوظ، ويبدو أن السوداني يهدف إلى كسب ود الكتل السنية والكردية لضمان مستقبله السياسي، خاصة مع اقتراب الانتخابات.
ومن بين المعلومات التي تم تقديمها في بيان مكتب السوداني ، نلاحظ أن نسبة التغيير في المناصب بلغت 21% فقط من المسؤولين الذين خضعوا للتقييم. هذه النسبة تعتبر ضئيلة جدًا إذا ما قورنت بحجم التغيير المطلوب لإصلاح النظام الإداري في العراق، والأسوأ من ذلك، أن غالبية التغييرات طالت المسؤولين في الكتلة الشيعية، بينما بقيت الكتل السنية والكردية بمعظمها على حالها.
وتكشف بعض التفاصيل عن أن حكومة السوداني تسعى إلى تحقيق توازن سياسي عبر منح الكتل السنية والكردية مزيدًا من المناصب، خوفًا من فقدان الدعم الشعبي والسياسي في الانتخابات القادمة، هذه الاستراتيجية قد تكون ذات تأثير محدود على المدى البعيد، حيث أن التغيير الحقيقي في النظام السياسي والإداري يتطلب تجاوز المحاصصة السياسية وتعزيز الكفاءة والنزاهة.
ورغم ضعف الرقابة الحكومية على الأداء للمسؤولين يبقى الإصلاح الإداري يعاني من صعوبات جمة، حيث المحاصصة السياسية والمحسوبية والمنسوبية  تلعب دورًا رئيسيًا في عرقلة عملية التغيير، مما يؤدي إلى بقاء نفس الوجوه في المناصب الحساسة لفترات طويلة، كما أن تزايد التعيينات في الكتل السنية والكردية في مقابل الإقصاء الواضح للشيعة يزيد من تعقيد الوضع السياسي.
وعلى الرغم من الأرقام غير الحقيقية التي تم الإعلان عنها، فإن المستقبل السياسي لحكومة السوداني ينذر بنهايته نتيجة عدم القدرة على المتابعة للمكلفين بخدمة المواطن من الدرجات الخاصة  والخوف من الخسارة الانتخابية المقبلة والذي بدا واضحا التأثير على عدم اختيار الكفاءة الحقيقية في المناصب العامة والذي انعكس على سوء الخدمات المقدمة وخاصة في التجارة والصناعة والكهرباء وغيرها الكثير من المؤسسات الأخرى  . انتهى / 25