المعلومة/بغداد.. في الوقت الذي يتطلع فيه العراق إلى تعزيز استقلاله السياسي وترسيخ سيادته الوطنية بعد سنوات من الاحتلال والنزاعات، تتصاعد المخاوف من تجدد التدخلات الخارجية، وفي مقدمتها التدخل الأميركي الذي لا يزال يشكل عامل ضغط على القرار السيادي العراقي. فبينما يفترض أن تكون العلاقات الدولية قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، تواصل الولايات المتحدة عبر أدواتها الدبلوماسية ومساراتها غير المعلنة، فرض أجندتها على مفاصل الدولة العراقية، متجاوزة بذلك القوانين والأعراف الدولية، ومقوضة لمبدأ السيادة الذي ضحى العراقيون كثيرًا من أجله. التحركات الأميركية الأخيرة، والتي ترافقت مع صمت رسمي مريب، فتحت الباب واسعا أمام تساؤلات مشروعة حول جدية الحكومة في الدفاع عن القرار الوطني، خاصة في ظل ما وصفته قوى سياسية وبرلمانية بـ"الخضوع غير المبرر" أمام الانتهاكات المتكررة التي تمارسها البعثات الدبلوماسية الأميركية والبريطانية داخل العراق. ويأتي ذلك وسط دعوات متزايدة من الداخل العراقي لضرورة إعادة تقييم العلاقة مع واشنطن، ووقف أي محاولات للتأثير على السياسات الداخلية والخارجية للعراق، بما في ذلك الاتفاقيات مع دول الجوار أو الشراكات الاقتصادية الإقليمية والدولية.
وبشأن هذه الموضوع أكدت النائبة زهرة البجاري في حديث لوكالة /المعلومة/، أن “استمرار التدخل الأميركي في الملفات الداخلية للعراق يمثل خرقاً صارخاً للسيادة الوطنية وتجاوزاً واضحاً على القانون الدولي”، مشيرة إلى أن “محاولات واشنطن التأثير على الاتفاقيات والعلاقات التي يعقدها العراق مع دول أخرى تعد تدخلاً سافراً لا يمكن القبول به”، وشددت على أن “العراق بلد مستقل ولا يقبل بأي وصاية خارجية، والحكومة مطالبة باتخاذ موقف أكثر صلابة لحماية القرار الوطني". من جانبه، اتهم المحلل السياسي علي فضل الله الولايات المتحدة بمحاولة “مصادرة القرار والسيادة العراقية عبر أدواتها الدبلوماسية”، مبيناً في تصريح لوكالة /المعلومة/، أن “الخارجية العراقية بدت مقصرة جداً في مواجهة هذه الانتهاكات، بل وكأنها جزء من المشروع الأميركي من خلال غض النظر عن تحركات السفيرين الأميركي والبريطاني اللذين يمارسان دوراً تخريبياً داخل البلاد”. وأضاف أن “تجاهل الحكومة لهذه التصرفات يشجع القوى الغربية على التمادي في خرق السيادة، وهو ما يشكّل خطراً على مستقبل القرار الوطني المستقل". استمرار التدخل الأميركي في الشأن العراقي لم يعد مجرد تجاوز عابر، بل بات تهديداً حقيقياً لبنية الدولة واستقلال قرارها السياسي، وهو ما يستدعي وقفة وطنية موحدة تتجاوز الحسابات الضيقة والخلافات السياسية. فالشعب العراقي الذي دفع ثمناً باهظاً من دمائه وسيادته، لن يقبل بأن تُدار بلاده من خلف الكواليس أو تُصادر إرادته الوطنية بأدوات دبلوماسية مريبة. انتهى25د