ثروات معطلة وخطط غائبة.. الاستثمار العراقي في مهب التخبط الإداري
20 آب 14:10
المعلومة / تقرير..
رغم ما يملكه العراق من مقومات اقتصادية هائلة وفرص استثمارية واسعة في مجالات الصناعة والزراعة والإسكان، لا تزال بيئة الاستثمار فيه تعاني من تشوهات هيكلية عميقة، في مقدمتها غياب الرؤية الاقتصادية الموحدة، وتعدد الهيئات وتضارب صلاحياتها، فضلًا عن تغلغل الفساد والمحاصصة الحزبية في ملف إحالة المشاريع.
ويُعد الاستثمار -بحسب المفهوم الاقتصادي العام- أداة فعّالة لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، كما يسهم في دعم الخزينة العامة من خلال تفعيل المشاريع الإنتاجية والخدمية. إلا أن الواقع في العراق يشير إلى أن الاستثمار بات في كثير من الأحيان يخدم مصالح المستثمرين المرتبطين بقوى سياسية، أكثر مما يخدم الدولة أو المواطن.
هيئات متعددة وغياب التنسيق
يعزو خبراء اقتصاديون تعثر آلاف المشاريع الاستثمارية إلى غياب التخطيط المركزي، وتعدد الجهات المعنية بالاستثمار دون وجود تنسيق بينها.
ففي العراق، تعمل هيئات استثمار متعددة على مستوى المحافظات، وغالبًا ما تتقاطع صلاحياتها دون رؤية موحدة أو خطة وطنية واضحة لجذب الاستثمار الحقيقي.
ويشير الخبراء إلى أن المشاريع غالبًا ما تُحال خلال سنة مالية واحدة دون النظر إلى قدرة الدولة على تمويلها أو استدامتها، مما يؤدي إلى توقفها لاحقًا بسبب انخفاض الإيرادات وتقليص الموازنات.
فساد وإهدار للمال العام
في هذا السياق، يلفت ياسر الحسيني، نائب رئيس لجنة الاقتصاد والتجارة النيابية، إلى أن القطاع الصناعي العام يعاني من "رؤية اقتصادية فاشلة" تتبناها الحكومة، متهماً جهات متنفذة بعرقلة نهوض الصناعة العراقية عبر عمليات بيع وتأجير لمصانع الدولة بأسعار زهيدة، ومنحها لشركات تفتقر إلى الكفاءة والخبرة.
وقال الحسيني في تصريح لوكالة المعلومة إن لجنته شخصت العديد من الإخفاقات في أداء وزارة الصناعة، مشيرا إلى أن الحكومة قامت بتأجير وبيع عدد من المصانع الحكومية لشركات لا تمتلك المؤهلات الفنية اللازمة، وهو ما تسبب في هدر كبير للمال العام، وفشل في تحفيز القطاع الصناعي.
وأكد أن الحكومة كانت قادرة على إعادة تأهيل تلك المصانع وتشغيلها بما يوفر إيرادات ضخمة ويوفر فرص عمل لآلاف العاطلين عن العمل، لكن بدلاً من ذلك، فُضّلت صفقات تُمنح بطريقة غير شفافة، تخدم مصالح ضيقة على حساب المصلحة العامة.
قانون الاستثمار الصناعي.. بصيص أمل؟
ودعا الحسيني مجلس النواب إلى الإسراع في إقرار قانون الاستثمار الصناعي المعروض حاليًا بصيغته النهائية أمام رئاسة البرلمان، معتبرًا أن القانون يمثل خطوة مهمة لإيقاف نزيف الفساد، ومعالجة الخلل في إدارة ملف الاستثمار الصناعي.
وفي ظل هذه التحديات، تبقى الحاجة ملحة لوضع استراتيجية وطنية شاملة تعيد الاعتبار لمفهوم الاستثمار كرافعة اقتصادية، وليس كأداة للربح الشخصي أو خدمة الجهات النافذة.
ويؤكد اقتصاديون أن نجاح العراق في تحقيق نهضة صناعية وزراعية حقيقية مرهون بإرادة سياسية جادة، ورقابة حازمة على إدارة الأموال العامة، وبيئة قانونية وتشريعية مستقرة وجاذبة.انتهى/25م
