بين تذبذب النفط وافتعال الأزمات.. هل ينجو العراق من أزمة موازنة 2025؟

المعلومة/تقرير..
تتصاعد التحذيرات من أزمة مالية جديدة قد تعصف بمشاريع التنمية وتثقل كاهل المواطنين، وسط استمرار الجدل بشأن تأخر الحكومة في إرسال جداول موازنة 2025 إلى البرلمان، والتباين بشأن أسباب العجز المالي وسبل معالجته.
وبين عجز مالي متفاقم واعتماد شبه مطلق على النفط، يجد العراق نفسه أمام معضلة اقتصادية تهدد استقرار موازنته العامة، فيما يحذر نواب وخبراء من أن استمرار التأخير في موازنة 2025 سيضاعف معاناة المواطنين ويشل المشاريع الحيوية في المحافظات.
مشاريع متوقفة، خدمات متراجعة، ومعيشة تزداد صعوبة، هكذا يصف نواب وخبراء تداعيات سوء إدارة المالية العامة وتأخر إقرار موازنة 2025 في العراق، وسط تحذيرات من أن الاعتماد على النفط وحده بات خطراً يهدد الاقتصاد والمجتمع معاً.
النائب زهير الفتلاوي اعتبر، الحكومة "تسيء إدارة المالية العامة"، مؤكداً أن توقف المشاريع في المحافظات يعود مباشرة إلى نقص الأموال المتاحة. 
ويقول الفتلاوي لـ/المعلومة/، إن "وزارة المالية نفسها أقرت بوجود عجز واضح نتيجة انخفاض الإيرادات النفطية، وهو ما انعكس على قدرة الدولة في تمويل المشاريع الأساسية وتغطية النفقات التشغيلية".
ويتهم الفتلاوي الحكومة ووزارة المالية بـ"التهرب من مواجهة المشاكل الحقيقية"، قائلاً إنهما "تتحججان بأسباب جانبية مثل تذبذب أسعار النفط والخلافات مع إقليم كردستان لتبرير تأخر الموازنة"، محذراً من أن "استمرار هذا التأخير "يضر بالمشاريع التنموية ويؤثر سلباً على حياة المواطنين".

• 

من جانبه، يرى عضو اللجنة المالية النيابية مصطفى الكرعاوي أن جوهر الأزمة يكمن في الاعتماد شبه الكلي على النفط في تغطية الموازنة العامة.
 ويقول الكرعاوي لـ/المعلومة/، إن "هيكل الموازنة العراقية لا يزال هشاً بسبب ارتباطه الكبير بالنفط الذي يشكل ما بين 89 إلى 90% من الإيرادات، مما يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات الأسواق العالمية وتأثيرها المباشر على معيشة المواطنين".
ويشير الكرعاوي إلى أن موازنة عام 2024 سجلت عجزاً تجاوز 19 تريليون دينار، متوقعاً استمرار العجز في موازنة 2025 ما لم يتم "إجراء مراجعة جادة لبنود الإنفاق واعتماد إصلاحات اقتصادية حقيقية". 
ويرى أن الحل يبدأ بـ"خفض الإنفاق التشغيلي غير الضروري، بالتزامن مع تعزيز القطاع الخاص وزيادة الموارد غير النفطية".
أزمة متكررة
بحسب خبراء اقتصاد، فإن العراق يواجه معضلة بنيوية في موازناته العامة، حيث تعتمد الحكومات المتعاقبة على النفط كمصدر رئيسي لتمويل الإنفاق، بينما تبقى الإيرادات غير النفطية محدودة جداً. ومع تذبذب أسعار النفط وتزايد الالتزامات التشغيلية، تتكرر الأزمات المالية عاماً بعد آخر.
ويحذر مراقبون من أن استمرار العجز المالي دون إصلاحات بنيوية سيؤدي إلى شلل المشاريع التنموية وزيادة البطالة وتراجع مستوى الخدمات، وهو ما قد يفاقم من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
مقترحات وحلول
ويؤكد خبراء أن معالجة العجز المالي لا يمكن أن تتحقق إلا عبر إستراتيجية طويلة الأمد تتضمن بإعادة هيكلة الموازنة بخفض النفقات التشغيلية التي تستهلك أكثر من 70% من الإنفاق الكلي وتفعيل القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة لتوفير موارد إضافية وتقليل الاستيراد، فضلا عن تحسين جباية الضرائب والرسوم التي لا تزال تساهم بأقل من 10% في الإيرادات العامة.
وبحسب تقديرات غير رسمية، فإن إجمالي الدين العام للعراق يقترب من 120 مليار دولار، نصفها تقريباً ديون خارجية، فيما يتوقع أن يتجاوز العجز المالي في موازنة 2025 حاجز الـ20 تريليون دينار إذا استمرت أسعار النفط بالتذبذب وبقيت النفقات على حالها.انتهى/25ق