عرقوب يعود ببدلة رسمية .. كيف تحوّلت اصلاحات السوداني إلى صفقات فساد وتمويل انتخابي بمال الفقراء ؟

المعلومة / خاص ..
قبل شهرين فقط، خرج رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني على العراقيين بما أسماه "البرنامج الحكومي للتصحيح"، معلنًا حملة تطهير واسعة ضد الفساد شملت إحالة أربعة وزراء إلى القضاء واستبدالهم، في خطوة اعتبرها مراقبون آنذاك بداية "عهد جديد"، لكن سرعان ما تبيّن أن هذه التصريحات لم تكن سوى نسخة حديثة من وعود "عرقوب"، لا أثر لها على الأرض سوى في عناوين الأخبار
وفي الواقع، لم يلبث العراقيون أن اكتشفوا أن "الإصلاح" المزعوم لم يكن سوى عملية إعادة تموضع سياسي داخل السلطة، فالوزارات التي أعلن السوداني تطهيرها، سُلمت إلى شخصيات حزبية موالية، في إطار تقاسم جديد للكعكة، وتوزيع المنافع بين الأحزاب المتحالفة مع السوداني أو تلك التي توفر له الغطاء السياسي والإعلامي.
مصادر مطلعة داخل ثلاث وزارات مختلفة كشفت لوكالة / المعلومة / أن مكتب رئيس الوزراء نفسه بات لاعبًا محوريًا في تمرير الصفقات والمقاولات، عبر مساومات مباشرة مع شركات ومقاولين محليين، حيث يُطلب منهم التنازل عن نسب أرباح مقابل تمرير العقود بالمليارات ، أو توظيف شخصيات بعينها، تحت التهديد بعرقلة أعمالهم.

• 

والأخطر من ذلك، وفقًا لتلك المصادر، أن عدداً من هذه الصفقات يتم بعلم رئيس الوزراء نفسه، بل وبضوء أخضر منه، والهدف هو تأمين تمويل ضخم لحملته الانتخابية المقبلة، التي يسعى من خلالها إلى تصدر المشهد في العاصمة بغداد والفوز بأغلبية الأصوات، باستخدام المال السياسي ومقدرات الدولة.
وأشارت المصادر الى المفارقة بأن السوداني الذي بدأ ولايته بشعارات مكافحة الفساد، يدير اليوم شبكة محسوبية واسعة، تمتد من مكتبه إلى أدنى موظف في بعض الوزارات الحساسة، بل إن بعض الوزراء عرفوا اللعبة وما يجري خلف الكواليس والترتيب مع مكتب السوداني للبقاء في وزاراتهم وإيقاف عمليات استبدالهم المزعومة ، بسبب تورطهم  في ملفات الفساد .
ما يحصل اليوم في مكتب السوداني وبعض الوزارات هو أسوأ من الفساد التقليدي حيث  نحن أمام إدارة دولة بمنطق المزرعة الخاصة، حيث الولاء أهم من الكفاءة، والمصالح الحزبية أهم من مصلحة الوطن.
ورغم حجم الاتهامات والمعلومات المتداولة عن تورط مقربين من السوداني في هذه الممارسات، لم يفتح القضاء أي تحقيق جدي حتى الآن، وسط حديث عن ضغوط سياسية لمنع المساءلة، وهو ما يثير تساؤلات خطيرة عن مستقبل الدولة العراقية إذا ما استمر هذا النهج.
وتحولت إصلاحات السوداني، التي رفعت الآمال في بداية الأمر، إلى ستار دخاني يغطي أكبر عملية "إعادة تدوير" للفساد في العراق، وزارات وزعت كغنائم، ومناصب تُباع وتُشترى، وصفقات تمر بعلم ومباركة من أعلى هرم السلطة، كل ذلك يحدث تحت شعار البرنامج الحكومي، فهل يدفع العراقيون من جديد ثمن الخداع السياسي؟، وهل تتحول الانتخابات القادمة إلى مسرحية جديدة بتمويل فاسد وسُحت محرم؟، والجواب لا يحتاج إلى كثير من التفكير، بل إلى قدر من الشجاعة في تسمية الأشياء بمسمياتها، والزحف نحو الانتخابات لاختيار الاصلح والاكفأ ومناصرة من يدافع عن الحقوق والواجبات والحفاظ على المكتسبات .انتهى / 25